ولكنّه مندفع : بوضوح الفرق بين هذا الفرض والفرض السابق ، حيث إنّه كان هناك عالما إجمالا بأنّه إمّا أن تكون ما بيده عشاء صحيحة بعد المغرب الصحيح ويجب عليه إتمامها ويحرم قطعها ، أو يكون ما بيده مغربا باطلا ، يجب عليه الاستيناف ثمّ الإتيان بالعشاء ، بخلاف هذا الفرض ، فإنّه عالم إجمالا بأنّه إمّا أن تكون ما بيده عشاء صحيحة بعد المغرب الصحيح يجب إتمامها عشاء أو يحرم قطعها ، أو تكون مغربا صحيحا قد زاد فيه قيام وذكر سهوا ، ويجب عليه إتمامها مغربا ، ويحرم قطعها.
ومن المعلوم عدم إمكان الموافقة القطعيّة لهذا العلم الإجمالي ، وإمكان المخالفة القطعيّة بأن يرفع اليد عمّا بيده ويستأنف الصّلاتين ، وإمكان الموافقة الاحتماليّة إمّا بإتمام ما بيده مغربا أو إتمامه عشاء ، وحيث إنّه لا محيص في مثله عن سقوط الاحتياط التامّ ـ بمعنى عدم وجوب الموافقة القطعيّة ـ ولا محيص عن ثبوت الاحتياط الناقص ـ بمعنى حرمة المخالفة القطعيّة ، ووجوب الموافقة الاحتماليّة ـ فلا يجوز له رفع اليد عمّا بيده رأسا والاكتفاء باستئناف الفريضتين ، بل يتخيّر بين أن يتمّ ما بيده مغربا كما قدّمناه ، ثمّ يأتي بالعشاء فقط ، وبين أن يتمّه عشاء ثمّ يأتي بالفريضتين.
أقول : ثمّ لا يخفى عليك أنّ هذه المسألة غير المسألة الخامسة المتقدّمة ، حيث إنّه كان المفروض هناك الشكّ في أنّ ما بيده من الركعة رابعة الظهر أو أولى العصر ، وعلى طبقه كأن يفرض في العشاءين أنّ ما بيده من الركعة ثالثة المغرب أو أولى العشاء. وقد أوضحنا هناك حكم أصل المسألة ، وأشرنا إلى حكم فرضه في العشاءين.