محلّ الكلام بأنّ ما خرج عنها من الركعة قد تحقّقه بجميع ما يعتبر فيها من الأجزاء الرّكنيّة وغيرها ، سواء كانت ثانية أو ثالثة ، وإنّما الشكّ في كونها ثانية أو ثالثة ، فتعبّد الشارع بكونها الثالثة عين التعبّد بأنّ ما تحقّق فيها من الركوع والسجود من الأركان المترتّبة على التشهّد الفائت.
والنتيجة : أنّ أصل عدم الإتيان بالتشهّد في محلّه الأصلي محرز بالوجدان ، كما أنّ كون تذكّره لعدم الإتيان به بعد الركوع والسجود أيضا محرز بالوجدان ، ولكن كونهما الركوع والسجود المترتبين على التشهّد ؛ أعني كونهما الركوع والسجود في الثالثة مشكوك ، قد أحرز بالتعبّد على الفرض ، فلا محيص عن ترتّب الحكم من دون إشكال.
هذا كلّه بناء على ما هو الحقّ من كون مفاد قاعدة البناء على الأكثر هو التعبّد بثالثيّته الموجود ، أو رابعيّته بنحو مفاد كان الناقصة ، فإنّ التعبّد بثالثيّة الموجود يكفي في اتّصاف تذكّر الفوات ، أنّه بعد الركوع والسجود المترتّبين على التشهّد ، سواء فرض قيد الموضوع التذكّر بوصف أنّه حصل بعد تحقّق الرّكن المترتّب على الفائت ، بنحو التقيّد والتذكّر ، مع تحقّق الرّكن المترتّب بنحو التركّب ، وإن كان الحقّ هو الثاني ، ولا موجب للأوّل بحسب مفاد الأدلّة على ما هو واضح.
وأمّا بناء على كون مفادها التعبّد بأصل تحقّق الزائد عن القدر المتيقّن ، كالثالثة والرابعة بنحو مفاد كان التامّة. فحيث إنّ ثالثيّة ما يشكّ في أصل وجوده محرز مفروغ عنه ، وإنّما يشكّ في تحقّقه لا في اتّصافه بالثالثيّة. وهذه عبارة أخرى عن أنّ الركوع والسجود اللّذين يوجدان في الثالثة ، هما الركوع والسجود