وإنّما علم بتحقّق هذا السهو والنسيان بعد البناء على عدمه في زمان.
فإنّه يقال : إنّ هذا إنّما يجري ويجدي في خصوص موارد قاعدة الفراغ ، وفي موارد قاعدة التجاوز ، ولكن فيما إذا كان الشكّ بعد تجاوز المحلّ السّهوي للمشكوك دون غيره ، لأنّ الخلل في هاتين يتمحّض في كونه واقعا بنحو السهو والنسيان المجهول في برهة ، والمنكشف بعد زمان.
وأمّا فيما كان الشكّ بعد تجاوز المحلّ الشكّي ، أي بعد الدخول في الفعل المترتّب على المشكوك ، وقبل تجاوز المحلّ السّهوي للمشكوك فيه ، أي قبل الدخول في الرّكن أو قبل التسليمة مثلا.
وكذا فيما كان الشكّ قبل تجاوز المحلّ.
فلا محالة يكون الخلل عمديّا اختياريّا ، معلولا للجهل والتعويل على القاعدة المضروبة للجاهل ، فلولا إطلاق الصحيحة المتكفّل للحكم بالصحّة والاجتزاء في موارد الخلل الواقع بالجهل المعذور فيه أيضا ، لما أمكن الحكم بالصحّة ، فالذي مكّننا من الحكم بها هو التمسّك بها في إثبات الصحّة والاجتزاء في أمثال هذه الموارد ، من حيث تكفّلها لحكم الخلل الواقع سهوا ونسيانا ، على ما هو واضح ، فعليك بالتأمّل ومن الله التوفيق.
* * *
الجهة الثامنة : الظاهر من لفظ (الطهور) في العقد الثاني من الصحيحة ، إرادة الطهارة الحدثيّة الكبرى والصغرى ؛ أعني الغسل والوضوء والتيمّم القائم مقامهما ، لشيوع استعمال لفظ (الطهور) في هذا المعنى في الأخبار ، فهي منصرفة عن