والقول بالإجزاء وهو أصول مذهب المصوبة من المعتزلة فانه على مذهبهم انّ العمل بالإمارة والأصول مؤدّ إلى جعل الحكم في قبال الواقع يسمّونه واقعيّا ثانويّا وحكما ظاهريّا لاتحادهما فللشارع جعلان أحدهما : متعلّق بالواقع ، والثاني : متعلّق بمؤدّى الطرق توجب مصلحة في مؤدّى الطرق يوجب مصلحة في متعلّقها فتكون المصلحة في مؤدّى الطريق غالبة على مصلحة الواقع الأولي فيكون حاكميّته عليه بعد التعارض والتزاحم.
وعلى ذلك المبنى فيكون فرقا بين القطع بالواقع فانه بعد ظهور الخلاف فلا يكون منجزا لعدم الحكم واقعا وبين القطع بالحكم الظاهري فانه مجز لأنه مقتضى القاعدة فالعمل بوفق الحكم الظاهري ، واختاره صاحب الكفاية ـ رحمهالله ـ وقال : انّ القطع بالظاهري بالاجزاء في مؤدّى الأصول دون القطع بالواقع من جهة انكشاف عدم الحكم في القطع بالواقع حين العمل ولا يعقل الاجزاء وتبدّل الحكم بالقطع بالحكم الظاهري إلى حكم آخر ولازمه ثبوت الحكم الظاهري حين العمل وبعد ظهور الخلاف ولازمه الاجزاء كما عرفت ، الذي يكون ذلك هو الوجه الثاني من وجوه التصويب الذي ذكره الشيخ في أول الظنّ من الوجوه الثلاثة للتصويب.
والوجه الأول منها : للأشعري ، والثالث منها : التصويب الإمامي : وهو المصلحة السلوكيّة التي ليس فيها جعل حكم ، وسيأتي ذكره أنه لا يجزي لعدم كون الحكم الظاهري حكما ، فانه حجّة وطريق محض.