فان قلت : انّ الصلاة والغصب إذا لم يكونا من مقولة واحدة وكانا متباينين بالحقيقة والهويّة فلا يقع التركيب بينهما وليس تركيبهما كتركيب المادة والصورة ، فالمادة صرف القوّة وفعليّتها بالصورة ، وأما الصلاة والغصب ، فالمادة فعليّان فيهما.
قلت : انّ انضمامهما تركيبا مجمع ووحدة لهما وفرض الاثنينيّة في الوجودين مع عدم اتحاد بينهما لا يكون خلاف مفروض المقام فانّ كلا منهما يكون من مشخّصات الآخر فتحصل بينهما وحدة وتركيب يكون بذلك اعتبار مجمعا للعنوانين ولا يكون خلاف مفروض المقام كما قيل بأن أحدهما من مقولة الفعل والآخر من مقولة الاين.
(المقدّمة الثالثة):
انه إذا كان بين المفاهيم تباين جزئي لا يعقل أن يتصادقا على وحدة الجهة بل لا بدّ من تعددها فيه وافتراقهما من جانب أو من جانبين نكشف عن تعددهما أيضا وإلا لامتنع الصدق عن أحدهما بدون صدق الآخر ، ولا ينقض ذلك بانطباق العناوين المباينة بالتباين الجزئي بالباري تعالى بصفات الواجب مع كون النسبة بينهما عموم من وجه لا يمكن أن يكون جهة الصدق في أحدهما عين جهة الصدق في الآخر للزوم التركيب في ذاته المقدّسة لأن ذلك قياس في غير محلّه لأن انطباق العناوين عليه تعالى كالعالم والقادر والحيّ والمريد والمدرك والقديم والأزليّ من الصفات الثبوتيّة للذات كلّها راجعة إلى ذاته تعالى وتقدّس ولا مغايرة بينهما ، فانّ الباري تعالى لا تصل إليه