للجملة الشرطيّة مفهوم فيكون من باب الاتفاق تارة ينفى بانتفائه وأخرى لا ينفى فلا يحصل الملازمة بينهما. ثم انهم قالوا : انّ الواسطة على أربعة أقسام منها ينفى بانتفائه دون الباقي :
الأول : الواسطة في الثبوت ، وهو كون العلّة واسطة في ثبوت معلوله ، ويقال له : البرهان اللمّي.
الثاني : الواسطة في الإثبات ، وهو كون المعلول واسطة لثبوت العلّة ، يقال له : البرهان الإنّي.
الثالث : الواسطة في العروض ، وهو كون العلّة والمعلول معا واسطة لثبوت ثالث كالضوء والنهار يكونان حدّا وسطا في إثبات الشمس.
والرابع : أن يكون بين العلّة والمعلول التضايف كالأبوّة والبنوّة لا يكون أحدهما بدون الآخر.
إذا عرفت ذلك انّ الأول وضعي حقيقي منها في الأقيسة لكون العلّة مقدّما والمعلول مترتّب عليه على وفق الواقع وفي عالم الثبوت ينفى الجزء بانتفاء الشرط دون باقي الأقسام ، وانها بالعناية والمجاز فلا ملازمة بينهما تارة ينفى بانتفائه وأخرى لا ينفى.
وإذا كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق بخلاف الأول كقولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، وإذا دخل الوقت فصلّ ، وإذا طلعت الشمس فالنهار موجودة ، وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ... إلخ ، وإذا وجبت الصلاة وجبت الطهور ، فالعلّة فيها منحصرة ينفى الجزاء بانتفاء الشرط فيكون ما ذكرنا قاعدة كلّية لثبوت المفهوم ويثبت الوضع على الأول.