فانه اسم مصدر ـ وبالفتح ـ المصدر ، وعلى كل حال لاسم المصدر بما له من المعنى والهيئة يباين معاني ساير المشتقّات فلا يصحّ أن يكون هو المبدأ. فتحصل أن كلا من المصدر واسم المصدر والأفعال والمفاعل ، واسم المفاعل والصفة المشبّهة وغير ذلك من المشتقّات ، وإنما يشتقّ من مبدأ واحد محفوظ في جميع هذه الصيغ وهو ـ الضاد والراء والباء والقاف والتاء واللام ـ في القتل وهكذا ، هذا في الاشتقاق اللفظي ، تشتقّ جميع الصيغ من مبدأ واحد ، وأما بحسب المعاني بعضها لبعضها مشتقّة من بعض آخر ، يعني أن بين المعاني تترتّب بحيث يكون بعض المعاني متولّدا من بعض آخر كما ان معنى الإسم المصدري متولّد عن معنى المصدري ، فلا أنّه يحصل الغسل ـ بالفتح ـ من شخص ثم يتحقق الغسل ـ بالضم ـ وأما المصدر فقد اختلف في تقدّم المصدر على الماضي وتأخّره عنه ، والكوفيّون القائلون بتقدّم الماضي على المصدر فان الماضي يدلّ على وقوع الحدث في الخارج مع الانتساب إلى فاعله نسبة تامّة خبرية ، وما اشتهر أنه يدلّ على زمان الماضي فهو اشتباه لأنه لا يدلّ إلا لتحقق الحدث ، وهو معنى حرفي ، والزمان إنما كان معناه اسميّا ، فكيف يكون مفاد الحرف معنا اسميّا ، فلا يدلّ على الزمان حتى يكون جزء مدلوله ، لأن دلالة فعل الماضي إما بهيئته يدل عليه ، وإما بمادّته ، فانها مشترك بين الأقوال والأسماء المشتقّة ، فليس فيها دلالة على زمان وإلا كانت الأسماء مشتقّة أيضا لها دلالة. على الزمان هي ضروري البطلان ، واما بحسب الهيئة فليس فيها مفادها لانتساب العرض إلى محلّه بنسبة الحقيقة وذلك معنى حرفي لا يمكن أن يدل على الزمان الذي هو معنى اسمي ، فاذا كان مفاد الفعل الماضي هو تحقق العرض