وقد تحدث القطب المكى من مؤرخى مكة عن مصراعى باب الكعبة اللتين غلفهما الملك الأشرف بألواح فضية ، وبعد أن وصف بالتفصيل متانة مصراعى الباب وجمال صناعتهما فى تاريخه القيم الذى ألفه ، قال : «كان بعض اللصوص يتحينون فرصة ليسرقوا ألواح باب كعبة الله الفضية بعد قلعها ، وقد سرقت عتبة بيت الله وأصبحت عارية ، وقد قبض على اللصوص المتجاسرين مرات وأخذوا بالعقاب ، إلا أن استمرار سرقة زينة بيت الله الخارجية وأيلولة سطح بيت الله إلى الخراب ، وأصبحت قطرات المطر تنفذ من سقف البيت ، جعل بعض أهل البصيرة الذين اطلعوا على حقيقة الأمور يرفعون أصواتهم جازعين هالعين.
ولذا أتى إلى مكة المكرمة شيخ القاهرة حمد الله أفندى (١) بنية الحج ورأى ما حل بالسطح الشريف من خراب ، وذلك فى عام ٩٥٨ أو ٩٦١ هجرية ، لقى قاضى مكة محمود جلبى أخا زوجه وتشاور معه ورأيا أن الأمر يجب أن يعرض على باب السعادة ، وأوصيا إمارة مكة المكرمة وولاية الحجاز بذلك ، وسعى مسئولو الإمارة والولاية بإبلاغ أمر وجوب التعمير إلى الباب السلطانى وما كان من السلطان سليمان بن السلطان سليم خان إلا أن استصدر فتوى تنطق بضرورة تعمير بيت الله من سلطان العلماء أبو السعود أفندى ، وأرسل هذه الفتوى إلى أمير أمراء مصر ، وأمره بأن يعمل على تعمير بيت الله سريعا بمجرد ورود الأمر السلطانى ، وفتوى المشيخة السلطانية.
وبادر على باشا أمير الأمراء بإرسال الأمر السلطانى والفتوى الشرعية إلى قاضى مكة أحمد جلبى ، وذلك فى سنة ٩٥٩ ، وتشاورا كثيرا بخصوص الموضوع ثم استدعيا وجمعا أعيان مكة وأكابرها وعلماء المذهب الحنفى والشافعى الفضلاء ، وتليا الأمر السلطانى الوارد عليهم ثم أخذوا يتذاكرون كيفية تنفيذ الأمر السلطانى ، ثم قرروا معاينة وكشف السطح الشريف عقب صلاة الجمعة ١٤ من شهر ربيع الأول سنة ٩٥٩ ، وقال أحد الموظفين الذى عين للكشف
__________________
(١) كان هذا الشخص قد عين ناظرا لعمارة البيت من قبل والى مصر ، كما أن مصطفى جلبى الأشول كان قد عين موظفا فى ديوان كتابة تلك العمليات ويقال له أحمد جلبى المقاطع ، ومن مؤلفاته ترجمة روضة الشهداء «سعادت نامه» ومخلصه جامى.