وكان أهل الإيمان فى عصر الرسالة إذا شكوا فى مسألة ما يسألون النبى صلى الله عليه وسلم ، وكانوا بعد وفاته ـ عليه السلام ـ كانوا يلجأون إلى صحابة النبى صلى الله عليه وسلم ، طالبين الفتوى منهم مثل عبد الرحمن بن عوف أو عبد الله بن مسعود أو أبى بن كعب الأنصارى أو معاذ بن جبل أو عمار بن ياسر ، أو حذيفة بن اليمان أو زيد بن ثابت الأنصارى أو أبى الدرداء أو أبى ذر الغفارى أو أبى موسى الأشعرى أو سلمان الفارسى «رضى الله عنهم» وإذا لم يستطع هؤلاء حل مشاكلهم يلجأون إلى الخليفة فى ذلك الزمان مستفتين. (١)
إخطار :
اشتهر بالإفتاء بعد الخلفاء الراشدين سيد العبادلة عبد الله بن عباس (٢) كما أن عبد الله بن عمر أفتى بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم ، ستين عاما. انتهى.
واستمرت هذه الحالة إلى يوم استشهاد عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ وبدأت الآراء تختلف بعد ذلك وكلما ابتعد عصر السعادة وتناقص عدد الأصحاب والتابعين أخذت الآراء تختلف وتتشتت ، ولا سيما فى وجود كثرة ممن يميلون إلى اتباع آراء الطغاة أدت إلى تغير أطوار الأمة وأوضاعها ، فكثرت فى المسائل الشرعية الفرعية الآراء ، واستخرج أئمة الدين الأحكام الشرعية التى تخص الطاعات والعبادات والعقوبات والمعاملات من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تفهم النصوص الظاهرية وسنة رسول الله بيسر وبشكل واضح لا ينسى ، واتخذ كل واحد منهم مسلكا ومذهبا مختلفا عن الآخر. وفصلوا بين المعنى العرفى والمعنى اللغوى للآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، حتى يتقى الخطأ فى المسائل الشرعية ، ووضعوا أصولا وقواعد للوصول إلى مرتبة الاجتهاد الصعبة ، ودونوا علما خاصا يطلق عليه علم أصول الفقه ، وسموا ما جمعوا ورتبوه من المسائل التى استنبطوها وفقا للقواعد السابقة علم الفقه.
__________________
(١) إن الأشخاص الذين ذكرت أسماؤهم كانوا مفوضين بالفتوى حتى فى عصر النبوة ، إلا أنهم كانوا يرسلون من يلجأ إليهم للفتوى إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، تأدبا.
(٢) العبادلة طائفة من الصحابة الذين كانو يفتون ويقومون بمهمة القضاء وهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عن الجميع.