صاحب القهوة ، وطلب منه أن يعد له نارجيلة بما أعطاه ، وبينما صاحب المقهى يعد له نارجيلة قال : إلهى إننى لم أسجد لك فى طول حياتى إذا ما قلت بأننى أبكى سيكذبنى أهل بلدتى لما يعرفون عنى» ، وأخذ يندم ويأسف على أنه أمضى حياته عبثا ، ثم صاح قائلا : «الله» ، ثم لفظ أنفاسه الأخيرة.
وقبل أن يشيع موت هذا الرجل ألهم أحد الصالحين بالآتى : «قد مات فى مكان فلان أحد الناس ، فإذا ما جهزت جنازته بشكل حسن وحملت تابوته فإن الله يرضى عنك ويتقبل أعمالك».
وبعد التحقيق عرف أن الذى مات هو ذلك الحشاش الذى يذمه الجميع ويتحاشاه ، وقد مات فى مقهى الحشاشين كما بيناه آنفا ، فظن الرجل أن ما ورد لقلبه من الإلهام قد يكون خطأ فتحير لذلك كثيرا.
وعندما كشف أمره لبعض الذين يتوسم فيهم حسن الظن عرف أنهم ألهموا نفس ما ألهم به ، وبناء على هذا لم يبق إلا أن يجهز جنازة الرجل ويغسلها ويكفنها على أحسن وجه وفق السنة بمساعدة أصحابه ، ثم وصلوا على جنازته ودفنوها فى قبر هيئ فى مقبرة «المعلا».
ولم ير كثرة المشيعين واختلاف أنواعهم فى أية جنازة من أعيان مكة كما حدث فى تشييع جنازة هذا الرجل.
وبشر الذين حملوا التابوت فى طريقهم إلى المعلا بهاتف يقول : «قد غفر لكم».
وبناء على هذه الرواية فمن الأفضل للإنسان أن يظن خيرا بأهل مكة من أن يظن شرا ناظرا لأحوالهم وتصرفاتهم الظاهرة. ولم يقع هذ الحادث فى عهدى إلا أننى لا أتردد فى تصديقه ، وقبل هذا تعرضت مكة المكرمة لمرض وبائى مفزع ، وسواء أكان الحجاج أو أهالى مكة كانوا يموتون فجأة وهم سائرون فى الطريق. ومن كثرة الجثث أصبح الذهاب إلى المسجد الحرام غير ممكن ، وفى الأيام التى اشتد فيها المرض قد استولى على أنا الفقير خوف وخشية شديدين ؛ لذا قررت أن أؤدى الصلوات الخمسة فى بيتى ؛ ولكننى لم أستطع أن أضحى