عقول البلهاء والحمقى وأهل الغفلة بضلالهم فى الخفاء ، ثم وسعوا نطاق دعوتهم شيئا فشيئا.
وقد تضاربت الأقوال بعض الشىء فى أسباب ظهور القرامطة ومكان ظهورهم ، وكيفية ظهورهم ، كما وقع الخلاف فى تعيين وتحديد مبادئهم ، وفى هذا أدلى كل واحد برأيه وقال قولته ، وها هى ذى طائفة من المؤرخين الذين كدوا أذهانهم وأتعبوا أنفسهم يقولون : «إن أول من لوث الساحة من القرامطة كان رجلا ادعى النبوة ، واتخذ لنفسه كتابا زعم أنه من الكتب السماوية محاولا أن يصدقه الناس».
وقال بعض المؤرخين : «إن أول من أعلن وجوده من ملاعين القرامطة شخص ادعى هذا الشخص أنه من الأئمة الإسماعيلية ، وأنه مرسل من قبل الإمام المهدى ، وأراد أن يقنع الناس بما يدعيه».
وبهذه الرواية أو تلك يستبين لنا أن المذهب الذى نشره القرامطة وأشاعوه مذهب باطل ، وأنه عبارة عن توصية للعمل بمبادئ الكفر والضلالة والإلحاد والإباحية ، ولكننا لما رأينا أن الرواية الثانية أقوى دليلا وأمتن رواية رأينا أن نكتفى ببيانها.
سبب تسمية القرامطة بهذا الاسم
على نحو ما اختلف المؤرخون فى نشأة القرامطة وكان اختلافهم فى أصل تسميتهم ، ففى بعض الروايات أن سبب تسميتهم بالقرامطة يرجع إلى من يسمى بأبى سعيد الجنابى القرمط ، ذلك الملحد الذى سلك بهم سبل الضلال ، وكان قصير القامة لا يدين بدين وكان يقارب بين قدميه فى السير ، فسمى الذين اقتفوا أثره من الرفض والإلحاد والإباحة بقرامطة.
وفى رواية أخرى : كان رئيس هذه الطائفة قميئا كريه الخلقة ، وكان يتجول من قرية إلى قرية لنشر دعوته ، ولما بلغ قرية من قرى الكوفة اشتد به المرض فنزل بدار من يسمى «كرميتة» ومعناه ذو عيون حمراء ، وراح فى سبات ، ولما استيقظ وقام على رجله من مرضه سمى باسم صاحب الدار ، ونودى بشيخ الكرامته وبعد ذلك خففت لفظة «كرميته» وعربت فصارت قرامطة.