بالتوقف قليلا فى مسجد عائشة احتماء من المطر ، وبتّ شيخ العمرة فى الموضوع مقررا عدم وجود مصلب حاتم بن عدى فى وادى التنعيم ، وأن العلامة التى أشرت إليها علامة لإشعار المحرمين بمكان الإحرام ، ولكننى كنت أعلم أن مصلب حاتم كان فى وادى النتعيم نتيجة الاطلاع فى كتب سير العلماء ، وإن ما يطلق عليه «معلماته» حيث يبدأ الحجاج والمعتمرين لبس ملابس الإحرام يجب أن يكون عجائب المسجد وفى وسط الطريق ، كما أن هذه العلامة كانت فى اتصال المسجد من الجهة الشرقية وقائمة فعلا ، إلا أن العلامة التى قال الشيخ عنها علامة الشروع فى لبس ملابس الإحرام كانت فى جهة حجرة للمسجد المذكور ، وكانت تختلف عن العلامتين فى الشكل والهيئة ، وكل هذا مما أثار فى نفسى شكوكا كثيرة ، وانقطع المطر وذهبت إلى تلك العلامة ، وكانت قد ابتلت من المطر وظهرت ظلال جلية لكتابة ، لكن قد غيرت ألوان تلك العلامة حتى تخالها ألوان الحرباء ، وحال ظلام الجو دون قراءة الحروف ، فاستصوبت أن انتظر إلى وقت الزوال ، وقد أصاب سهم اجتهادى مرماه ، وهدانى الله إلى الطريق الصحيح ، إذ انقشع الظلام وزادت حرارة الشمس ، وجف صدأ العلامة فقرأت عبارة «هذا مصلب حاتم بن عدى» ، وأريتها لشيخ العمرة الذى شكرنى بدوره كثيرا وسر سرورا عظيما ، وأخذ المعتمرون والحجاج فى الذهاب إلى مصلب حاتم بن عدى.
الأثر التاسع والعشرون : مسجد الجن
مسجد يقع فى الجهة الثابتة من مكة المكرمة وفى مقابل جداره مقبرة المعلا الملحقة ببطن الوادى ، أى فى مواجهة جبل الحجون ، وهو مسجد شريف تحت الأرض.
فالذين ينتهون من زيارة مقبرة المعلا يعودون إلى ذلك المسجد لأداء ركعتين لتحية المسجد ، وفى طرفيه شارعان واسعان.