وحينما أطلع الخليفة الفاروق الأعظم على الأمر اضطرب اضطرابا شديدا ، وأسرع بالسفر إلى مكة المفخمة ناويا العمرة ، وبمجرد وصوله إلى مكة المكرمة أخذ يبحث عن رجل قدير على تعيين موضع المقام الشريف.
ووجد ضالته فى «مطلب» (١) بن أبى وداعة السهمى «الذى يستطيع أن يعين موضع المقام الشريف فاستدعاه واستفسر منه الكيفية.
وإذا بمطلب بن أبى وداعة كان قد قاس المسافة بين الباب المعلى للكعبة الشريفة وبين المقام الشريف ، وكذلك المسافة بين جدران بئر زمزم والمقام المنيف بحبل متوقعا أن يحدث مثل هذا الحادث ، واحتفظ بالحبل فى مكان أمين فى منزله.
واستدعى حضرة الفاروق مطلب بن أبى وداعة ، وأجلسه أمامه وطلب منه أن يحضر الحبل المذكور. وبعد مسح المكان وتعيين موضع المقام الشريف ، وضع أساس البناء العالى الذى يطلق عليه إلى يومنا هذا «المقام الشريف».
إن الحجر الشريف الذى وضع فى داخل البناء الذى بناه عمر بن الخطاب هو الحجر الذى كان يضع عليه حضرة إبراهيم (على نبينا وعليه التعظيم) قدميه فى أثناء رفع قواعد البيت.
وقد فصل فى بحث الأثر الشريف كل ما يتعلق بهذا الحجر الميمون المبارك ، وأين وجد؟ وكيف حفظ إلى الآن؟ وأين حفظ؟ كما فصل فى باب قدوم النبى الجليل إلى مكة المكرمة وكيفية سفره وشكل الحجر الميمون وهيئته المرئية ومبانيه فى هذا المكان الذى يرجى قبول الدعاء فيه.
بعد ما أنهى ابن الخطاب (رضى الله عنه) العمليات الخاصة بمبانى المقام الشريف أصلح وعمر الأماكن الأخرى لحرم المسجد الحرام ، كما أصلح ما خرب
__________________
(١) أحد الأصحاب الكرام ، ذكر ابن سعد فى مسلمة الفتح ، انظر الإصابة ٦ / ١٠٤.