إن الشاعر المذكور هو الشيخ شهاب الدين أحمد بن حسين العليف ، وكان أحسن الناس فى زمانه وقد شرف دار السيادة بزيارته فى صحبة الشيخ محيى الدين بن عبد القادر بن عبد الرحمن العراقى من خطباء مكة المكرمة. إن القصيدة البليغة التى قدمها إلى السدة السلطانية كانت مؤلفا نفيسا بعنوان «الدّرّ المنظوم فى مناقب السلطان بايزيد ملك الروم» وكان مطلع القصيدة البديعة هذا البيت البليغ :
خذوا من ثناياى موجب الحمد والشكر |
|
ومن در لفظى طيب النظم والنثر |
فأمر السلطان سديد الرأى لهذا الشاعر جائزة بألف من الذهب جائزة وأوعده بإرسال صرة بمائة دينار كل سنة ، وقد نال الشاعر المذكور إلى آخر عمره صرة بمائة دينار كل سنة.
كان الدينار فى تلك الأوقات نوع من عملة ذهبية وسنعرف فى موضوع الصرة الهمايونية مزيدا عن قيمة هذه العملة فى زماننا ، ومتى ضربت وقطعت؟ ومما صحت روايته أن الذى خصص له الملك صرة فى كل عام هو أحمد بن العليف وكانت ترسل كذلك إلى أبنائه وأحفاده إلى انقطاع نسله.
قد احتاج قطع رخام الحطيم الكريم للتسوية والترميم ، فما كان من أبى النصر الغورى إلا أن غيرها كلها ، وفى نفس الوقت زخرف داخل الحطيم وخارجه وفرش أرضه وذلك فى عام (٩١٧) ، وبعث السلطان سليم بن السلطان بايزيد خان إلى أهالى الحرمين الشريفين أضعاف ما كان يرسله والده كثيرا ، وضم هذه المبالغ إلى العطايا المقررة لسكان الحرمين الذين يردون إلى دار السعادة ، فكان ما يكفيهم وذلك فى سنة (١١٨) وفتح السلطان سليم بلاد مصر ، وأدخل أهلها طاعته فخضعوا جميعا لأوامره وأدخل فى حوزته بلاد الحرمين الشريفين ونشر فيها أنوار العدل ، وكان يعيش فى ذلك العهد فى مصر الخليفة المتوكل على الله (١) الثالث العباسى ، ولم يكن له من أمر الخلافة إلا شيئا معنويا وهو أن يؤخذ إذنه
__________________
(١) كان اسم المشار إليه عبد الرحيم ، وعلى رواية محمد بن المستمسك بالله يعقوب وقد بعثه السلطان سليم مع أولاده وأهله وأتباعه إلى دار السعادة.