بيان كيفية توزيع وتقسيم الصرّة المرسلة
من قبل السلطان سليم بن بايزيد
عندما وصل الأمير مصلح الدين إلى مكة المكرمة أخذ يوزع نقود الصدقة الرومية وفق ما سجل فى الدفتر الذى معه ، وأوصى الذين نالوا العطايا أن يستمروا فى رفع أكفهم بالدعاء للسلطان ودوام عزه ثم جمع العلماء الأعلام والأعيان والأشراف الكرام الذين وردت أسماءهم فى سجل العطايا ، وجعلهم يختمون تلاوة القرآن الكريم ويوجهون إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ دعواتهم بإطالة عمر السلطان وزيادة قوته.
بعد ما أتم العلماء المجتمعين فى داخل الحطيم ختم القرآن الكريم اختار الأمير مصلح الدين ثلاثين من الحفاظ الصلحاء وكلفهم بختم القرآن الكريم مرة كل يوم بناء على التعليمات التى يحملها من السلطان ، على أن يأخذ كل واحد منهم اثنى عشر قطعة ذهبية فى السنة ، كما اختار بعض العلماء وكلفهم بقراءة البخارى والشفاء (١) الشريف على الدوام ثم استدعى الفقراء الذين يحتاجون إلى الصدقة فى الحقيقة وسجل أسماءهم فى السجل ، وأعطى لكل واحد منهم ثلاث قطع ذهبية كعطية سلطانية ، ثم ذكر بأن السلطان سيبعث كل سنة ثلاث صرر من الذهب ، وأحصى أفراد أسر الفقهاء وسجلهم فى سجله ، وقرر أن يعطى لكل فرد منهم ثلاثمائة قطعة ذهبية ثم قيد المبالغ اللازمة لهم باسم صرة البيوت. ثم جمع كل الذين أظهروا حاجتهم للعطية وأعطى لكل واحد منهم قطعة ذهبية ، وأشار إليها فى سجله بالصرة العامة ، وفى آخر شهر ذى الحجة جمع العلماء والصلحاء وأخذهم إلى جبل التنعيم وبعد لبسهم ملابس الإحرام جعلهم يعتمرون لوالدة السلطان ، وأدرج ما أنفقه فى هذا السبيل فى سجل باسم صدقات العمرة ،
__________________
(١) هو كتاب الشفاء فى التعريف بحقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للقاضى عياض. أما صحيح البخارى فقد سماه البخارى ـ رحمه الله ـ «الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه». انظر : هدى السارى لابن العسقلانى ص ١٠.