ذيل
سئل أحد الذين أجلوا أداء فريضة الحج لوقت شيخوخته وهو مالك للقدرة الشرعية للذهاب إلى دار الأمن حرم الله محرما «لما ذا تتردد فى إيفاء الحج وما هو السبب؟» ولا شك أنه سيجيب قائلا : «إننى مازلت فى طور الشباب! إذا ما ذهبت إلى الحج لن أستمزج بماء البلاد الحجازية وهوائها ، ولا سيما الازدحام والكثرة يسببان انتشار الأمراض المعدية ، ومن المحتمل أن أصاب بهذه الأمراض وأموت فى شرخ شبابى ، وإذا فرض بأننى نجوت من الأمراض المعدية فإننى سأتبع هواى وأرتكب الذنوب بطيش الشباب وعندئذ أكون قد أنفقت النقود فى لا شئ ، كما أننى أكون قد ضاعفت عصيانى لله.
ولكن الحجاج الذين يعودون سالمين يجب عليهم أن يتصفوا بمحاسن الأخلاق! ولا يكون هذا إلا باجتناب ارتكاب المعاصى والآثام وبالاحتراز من الاختلاط بالذين تعودوا على ارتكاب الآثام ، ولما كان أصدقائى قد تغلبت عليهم حظوظهم النفسية ومادمت أننى سأختلط بهم عند عودتى فلن أتمكن من القيام بالأعمال الصالحة ، لأن بلية الشباب لن تمكننى من الابتعاد عن بؤرة الفساد».
يرى فى هذا الجواب غير المعقول ، كما لا يخفى على أهل التدقيق ، أن هناك سببان مستقلان فى عدم ذهاب شبابنا» أقصد بهم من تجاوز الثلاثين : «السبب الأول عدم قدرتهم على مقاومة الأهواء النفسية بعد الرجوع من الحج ، والثانى : وجود الأمراض فى الحرمين» وهو زعم فاسد.
وفى الواقع أن هذا الجواب يجذب الانتباه ؛ فالذين يعتقدون فى القدرة الإلهية يتحاشون من تلك الإجابة ويجتنبونها ، وإن كان هذا السؤال يبدو موافقا لعقائد الموحدين ، إلا أن أغلب شباب زماننا يحملون فى رءوسهم هذه الأفكار.
قد ألقيت ـ أنا جامع هذه الحروف ـ هذا السؤال سالف الذكر على الكثير من الناس وتلقيت منهم إجابات أبشع من ذى قبل ، ولكننى وفقت فى تصحيح عقائد