غير قليلين منهم ، ويجب ألا يخفى علينا أن هذه الإجابات ليست ثمار أذهانهم بل هى محاصيل بعض أشخاص ذوى أفكار فاسدة واعتقادات مضرة ، والتى بذرت فى مزارع قلوب بعض المسلمين السذج ، وكأن البلاد الحجازية ذات المغفرة مستعدة لإنبات الأمراض المعدية وإنه عندما يرد إليها الحجاج فى موسم الحج فمن المحال ألا تظهر فيها بسبب الازدحام الشديد ، وباء الكوليرا ، والأمراض الأخرى المعدية المخيفة وأن ذهاب الشباب إليها فى هذه الحالة يستدعى سفرهم حتى الآخرة أليست هذه العقيدة غريبة؟!.
وما يؤسف له ، بينما كان تراب الحرمين الشريفين محفوظا من قبل الله سبحانه وتعالى ـ وأن الأوبئة والطواعين والعلل الأخرى المعدية قد طردت نتيجة لدعاء النبى صلى الله عليه وسلم ، وقد ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة ، إلا أن ما ينشره الأجانب ذوو الأغراض السيئة يتلقى قبولا حسنا ويعتقد فى صحته التامة! مع أن عمر الإنسان مقدر من قبل الله لا يزيد دقيقة ولا ينقص ثانية ، كما يؤكد ذلك قول الله سبحانه وتعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف : ٣٤).
إن كشوف أطباء أوربا الوهمية أن أراضى الحجاز المقدسة موطن ومولد مرض الطاعون قد دفعت بعض أهالى أوربا فى أوائل القرن الحالى إلى تصديق ادعاءاتهم ، ونتيجة لهذا التصديق تطرق خلل لعقائد قصار النظر من العوام ، إلا أن عدم استناد الكشفيات المشكوكة لهؤلاء الأطباء إلى أساس لم يثبت حتى فى تلك الأوقات ، وإن كشفهم ما هو إلا وهم مطلق.
ليس هناك أحد من هؤلاء الأطباء الحاذقين قد زار أراضى الحرمين الشريفين حتى تؤخذ تجاربه وكشوفه مأخذ الجد ، وترقى إلى كونها حكما.
ولما كان فن الطب قد تقدم فى عصرنا إلى أقصى حد ، وقد وجد أطباء أوربا منشأ الطاعون ومولده وخطئوا أسلافهم وقد أجروا فى هذا الخصوص تدقيقات كاملة ونشروا الحقيقة فى مؤلفات عديدة.