رأيته ـ عند لقاءاتنا الخاصة ـ يأسف على هذه النعمة العظمى الّتي سلبت منه وأصبح يتشوق إليها بكلّ وجوده ..
ولكنني اعتقد أنّ هجرته غير الاختيارية والتقليل من المعاشرة وعدم الخلطة بالمجتمع الّذي لا تروقه أخلاقه وسلوكه ، توفيق ساقه الله تعالى إليه حتّى يتفرغ لانجاز عمله الرجالي الّذي سيعتبر بحقّ موسوعة كبيرة شاملة تبقى في سجل التأريخ من مفاخر عصرنا ، وضمن الأعمال الفردية المعمقة الّتي أنتجها عظماؤنا عبر العصور.
بعد صفاته الأخلاقيّة :
عاش شيخنا الجليل مترفعاً عمّا في أيدي ذوي المال والثروة ، لا يعرف الخضوع لذوي الجاه والمقام مع شدة تواضعه في سلوكه الاجتماعي ، ولا أبدى حاجة طيلة حياته إلى من له رئاسة وبسط يد.
مثال رائع للوفاء مع أصدقائه والقريبين منه ، لا يترفع عليهم بالرغم من موضعه الرفيق وموضع أسرته من العلم والدين ، يزورهم في المناسبات السارة والمحزنة ويحضر مجالسهم ومحافلهم بالمقدار الميسور ، ويتفقدهم ويستخبر أحوالهم إذا كانوا بعيدين عنه.
يتقيد في أحاديثه مع مجالسيه بالآداب الإسلامية والمقتضيات الاجتماعية ، فلا يؤذي صاحبه في المحاورة ولا يزعجه في التحدث إياه ، بل يحاول جهد استطاعته أن لا يتفوه بما يسوء جليسه ولو كان ممّن يكره مجالسته ومصاحبته ، وهذه خصلة ممتازة تحتاج إلى السيطرة على النفس والقدرة على ضبط اللسان ، وقلّ من يتمكّن من ذلك.