وأعطى الأخ وقال : بنىّ! اسرع إيصاله إلى السيّد حتّى لا يرى غيرك مطالبة القصاب له ، ثمّ رفع يده إلى السماء وقال : إلهي أنت تعلم أنّ هذا السيّد يهتكني بلا سبب إلاّ أنك منعتني من اتّباع الهوى فأوصله مخالفة للهوى طلباً لرضاك يا ربّ ..! فلمّا رأيت ذلك علمت أنّه يدري بحركات السيّد ويخالف هواه في ذلك (١).
وأمّا حفظه لدينه وصونه لنفسه :
فلقد بلغ قدّس سرّه في ذلك إلى حد كان يضرب به المثل ، وسلّم له الكلّ بذلك حتّى أضداده.
__________________
(١) ولعلّ منها ما أورده سيّد الأعيان فيه ٥/١٥١ أن قال : .. وكان يتفقد بعض العلويات في النجف بشيء من البر على يد بعض طلبة الترك ، فأراد الواسطة السفر لبلاده ، فذاكره أن يكون ذلك على يدي ـ وأحب أن يكون الكلام بحضوري ـ فقال : آتي أنا والسيّد إلى داركم. قال الشيخ : لا ، بل نحن نذهب إلى داره ; لأ نّ في مجيء السيّد إلى دارنا غضاضةً عليه ..
هذا ، مع أنّهما لم يكونا إلاّ في رتبة أولاده فضلاً عن تلامذته.
وكرر القصة في ما ترجمه عن نفسه في الأعيان ١٠/٣٥٣ فقال : وكان يصل بعض العلويات الفقيرات من ارحامنا بواسطة الشيخ عبدالنبيّ ـ المقدّم ذكره ـ ، فلمّا أراد الشيخ عبدالنبيّ السفر قال له : دلني على من أوصل ذلك بواسطته .. فدلّه عليّ ـ وكان لا يعرفني لأنني لا اتعرف إلى من لا استفيد منه علماً!! ـ فقال : اريد أن أراه ، فقال : آتي أنا وهو إلى داركم. فقال : هذا ما لا يكون ، لأنه فيه حزازة على السيّد ، فقال : نأتي بعد الصلاة ، قال : وهذا ـ أيضاً ـ فيه حزازة عليه ، قال : فما الحيلة في ذلك؟. قال : نذهب إليه نحن .. قال : متى يكون ذلك لأخبره فلا يخرج من الدار ، قال : هذا فيه مشقة عليه ولكن متى كنت ذاهباً إلى مكان وحاذيت داره فأخبرني لنأتي إليه بدون خبر .. فاتفق أنّه كان ذاهباً مرّة وحاذى دارنا فأخبره فمنعه ولده من المجيء إلينا لعذر خلقه!! ثمّ لما حضرنا لوداعه أخبره عني بالتركية!.