الصديق رجله ليضع وراء الصخرة الّتي وراء عتبة الباب خرج حس الدراهم من جيبه ، فلمّا تسالما منعه العزّ من طلب القرض منه فتوادع معه ومضى إلى الحرم الشريف ليزور مولاه ، وقد كان يقول : إنّي من شدة الجوع لم أكن لأبصر على ما ينبغي ، فذكرت هناك أنّي وضعت عشر درهم ـ يسمّى بــ : القمري ـ تحت الحصير في وقت لأجل أنّي إن احتلمت أمضي به إلى الحمّام ، فأتيت المنزل وأخذته واشتريت به دهناً ووضعته على الطبيخ وعشت بذلك الطبيخ ثلاثة أيام على وجه القناعة إلى أن رجع شركائي في الدار فاستقرضت منهم.
وأمّا حياؤه قدّس سرّه :
فلعمري أنّه كان أحيى (١) من البكر ، ولقد كنا نقبّل يده في الأعياد ولا يقبّل وجوهنا بعد التحائنا ، فتلومه والدتي قدّس سرّها لذلك; فيعتذر بأ نّهما التحيا وصارا من الرجال ، وأستحيي من أن أقبلهما.
وأمّا أدبه :
فقد أفرط قدّس سرّه فيه .. وكان يتأدّب مع أهل العلم (١) والسادة وأولاد
__________________
(١) الاولى : أكثر حياءً ..
(٢) وممّا حكي لي ـ من أكثر من واحد ـ إنّه كان طاب ثراه معاصراً للمرحوم الشيخ محمّد طه نجف قدّس سرّه ، وهو من المراجع في وقته وأعلام عصره إلاّ أنّه أصيب ببصره في أواخر عمره ، وفي يوم ـ والشيخ خارج من درسه وقد حفّته بعض خيرة طلابه للسؤال ـ وإذا بالشيخ محمّد طه في الطريق يقوده زوج ابنته السيّد كاظم الموسوي ـ هكذا سُمي لي ـ فما كان من الشيخ المامقاني إلاّ وترك الجمع مسرعاً نحو الشيخ وأخذ يده فقبّلها ، فأخبر السيّد كاظم الشيخ النجف بأ نّه : الشيخ [وكان ينصرف الاطلاق إلى المامقاني] ، فأخذ ذاك يده بإصرار وقبّلها ..! قدّس الله تلك الأرواح الطاهرة ، والنفوس العالية ، ـ