الفصل الثامن
في أمراضه قدّس سرّه
قد تمرّض بأربعة أمراض صعبة آخرها مرض مفارقته الدنيا :
الأوّل : مرض المحرقة (١) ; تمرّض بها في أواخر ذي القعدة سنة ألف وثلاثمائة وخمس عشرة ، وكان مرضاً شديداً أعيا عنه الأطباء وأيسنا منه ولم يبرئه إلاّ دعاء الفقراء والسادات ، وختم : (أمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوْءَ ..) (٢).
ومن غريب ما رأيت منه في ذلك المرض أنّه عرضه السرسام (٣) يوماً وليلة
__________________
(١) مرض المحرقة ، ويقال له : التيفوئيد والتيفوس ، مرض ميكروبي مسري ، وهو شبيه الحصبة اليوم ، وفيه حمى مع ارتفاع في حرارة البدن ، لاحظ عنه : فرهنگ معين ـ فارسي ـ ١/١١٨١ ـ ٣/٣٩٠٣ ، ولغتنامه دهخدا ٤٢/٥٢٥.
(٢) سورة النمل (٢٧) : ٦٢.
ولعلّه هو الّذي أشار إليه في كتابه القيّم مرآة الكمال في باب التوسلات ٣/١٤٣ بقوله : ومنها قراءة قوله تعالى ... اثنى عشر ألف مرّة ، ثمّ قال : فأ نّي لم أجد فيها خطأ حتّى مع تعاون جمع من الاخيار على قراءتها.
(٣) السرسام : كلمة فارسية مركبة من (سر) بمعنى الرأس ، و (سام) بمعنى الورم والمرض ، إلاّ أنّ الزمخشري في الفائق ٢/١٤٤ ذهب إلى أنّ البرسام معناه : ابن الموت ، و (بر) بالسريانية : الابن ، وقد تصرفت فيه العرب فقالوا : باسام ، وحرسام ، .. وعلى كل فهو الهذيان ، ويقال له : متثريت ، مرض يبدأ بزكام وصداع وحمى ووجع في العظام ، ثمّ