فأتاني شخص من غير الطريق المتعارف أرسله مولاه .. وأرسل معه مالا كثيراً شطر منه لي وشطر منه لأشخاص التمسني إيصاله إليهم ، فأوصلت مالهم وأخذت مالي وأوفيت ديوني وعشت بالبقية تلك السنة أحسن عيش .. فاعتبروا يا أولي الأبصار!.
وأمّا عفّته وعزّة نفسه :
فيكفيك في ذلك أنّه تحمّل من الفقر والجوع غايته ولم يُظهر لأحد من مشايخه ذلك ، ولقد نقل قدّس سرّه أنّه ـ مع كونه معروفاً تفصيلا عند شيخه العلاّمة الأنصاري قدّس سرّه بالفضل والعلم والتقوى ـ لم يصله منه شيء مدّة حضوره عنده ـ وهي فوق العشر سنين ـ إلاّ مرّة واحدة ، ولم يُظهر له فقره ، بل كان يظهر الكفاف ، ولقد تحمّل في زمان اشتغاله من الفقر ما يعجز عنه الأكثر .. ومع ذلك لم يُطّلع أحداً على حاله.
ولقد نقل قدّس سرّه أنّ سنة من السنين ـ قبل أن يتزوّج ـ زار شركاؤه في الدار كربلاء المشرّفة في نصف شعبان ولم يزر هو لفقده للمؤونة ، فأصبح يوماً ليس عنده شيء أبداً ، فبقي بلا قوت نهار ذلك اليوم والليلة الّتي بعده ونهار اليوم الثاني ، فلمّا أن صلّى الظهر والعصر احتمل أن يكون في بعض زوايا البيت شيء من القوت فتفحّص فوجد في مخزن البيت ـ بين القراطيس ـ كيساً فيه شيء من الأرز والماش ففرح بذلك فرحاً شديداً وطبخه وتحيّر من جهة الدهن فبنى على أن يرهن آنية صفر له عند الدهّان ، فمضى من أوّل السوق إلى آخره ثلاث مرات فمنعه عزّ النفس عن مخاطبة الدهان وعرض الإرهان عليه ، فبنى على الترك ورجع ، فلمّا أن صار قريباً من باب الصحن الشريف وجد صديقاً له يخرج من الصحن فبنى على الاستقراض منه ، فلمّا أن رفع