حبّ الشرف والذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب (١).
وقال عليهالسلام في قوله عزّ وجل : « ولمن خاف مقام ربّه جنّتان » (٢) : من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول ، ويعلم ما يعمله من خير أو شرّ فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي خاف مقام ربّه ، ونهى النفس عن الهوى.
وقال عليهالسلام : المؤمن بين مخافتين ، ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه ، وعمر قد بقى لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك ، فهو لا يصبح إلاّ خائفا ولا يصلحه إلاّ الخوف (٣).
أقول : كذلك صلاح المؤمن يكون بالخوف أبدا ، لأنه إذا خاف اتجه بكلّ جارحة وجانحة لدفع ما يخاف منه ، فينصرف عن العصيان ويقبل على الطاعة.
وقال عليهالسلام : من خاف الله أخاف الله منه كلّ شيء ومن لم يخف الله أخافه من كلّ شيء (٤).
وقال عليهالسلام في الخوف والرجاء معا : ينبغي للمؤمن أن يخاف الله تعالى خوفا كأنه مشرف على النار ، ويرجو رجاء كأنه من أهل الجنّة ـ ثمّ قال ـ : إنّ الله تعالى عند ظنّ عبده إن خيرا فخيرا ، وإن شرّا فشرّا (٥).
أقول : كذلك ينبغي للمؤمن أن يكون بين الخوف والرجاء كما قال تعالى :
« يدعون ربّهم خوفا وطمعا » (٦) لأن الخوف وحده قد يبعث على اليأس والقنوط ،
__________________
(١) الكافي ، باب الخوف والرجاء : ٢ / ٦٩ / ٧.
(٢) الرحمن : ٤٦.
(٣) الكافي : ٢ / ٧١ / ١٢.
(٤) مجالس الشيخ الطوسي ، المجلس / ٤٢ ، والكافي : ٢ / ٦٨ / ٣.
(٥) الكافي : ٢ / ٧٢ / ٣.
(٦) السجدة : ١٦.