الفقر بين عينيه ، وشتّت أمره ولم ينل من الدنيا إلاّ ما قسم له ، ومن أصبح وأمسى والآخرة اكبر همّه جعل الغنى في قلبه وجمع أمره » (١).
أقول : لأن من كان همّه الدنيا فإن شهواته تلحّ عليه وهو لا يستطيع إشباعها أبدا فهو دائما في حاجة ، وما يزال الفقر نصب عينيه ، ويكون همّه متشعّبا ، لتشعّب شئون هذه الحياة ، فيتشتّت عندئذ أمره ، ومع ذلك لا ينال من الدنيا الواسعة إلاّ ما قسم له ، وأمّا من كان همّه الآخرة فيجعل الله القناعة في قلبه ، ومن قنع استغنى ، فلا يكون همّه عندئذ متشعّبا بتشعّب جهات الحياة ، وبهذا يكون اجتماع أمره وهدوء فكره.
ويمثل لك حسرة طلاب هذه الفانية أيضا فيقول عليهالسلام : « من كثر اشتباكه في الدنيا كان أشدّ لحسرته عند فراقها » (٢).
وأحسن ما مثل فيه المنهمكين بالدنيا في قوله : « من تعلّق قلبه بالدنيا تعلّق قلبه بثلاث خصال : همّ لا يفنى ، وأمل لا يدرك ، ورجاء لا ينال » (٣).
أقول : هذا نموذج من كلامه عن الدنيا والمغرورين بها ، أرسله عليهالسلام إيقاظا للغافلين ، وتحذيرا من زخارفها الخدّاعة.
الرياء : طلب المنزلة في قلوب الناس بخصال الخير أو ما يدلّ من الآثار عليها باللباس والهيئة والحركات والسكنات ونحوها.
وهو من الكبائر الموبقة والمعاصي المهلكة ، وقد تعاضدت الآيات والأخبار
__________________
(١) الكافي ، باب حبّ الدنيا والحرص عليها : ٢ / ٣١٩ / ١٥.
(٢) نفس المصدر السابق : ٢ / ٣٢٠ / ١٦.
(٣) نفس المصدر : ٢ / ٣٢٠ / ١٧.