فيحسب من المحسنين ، فيجب عليه أبدا أن يحذر الزلّة فيتّقيها ، ويرعى الحسنة فيوافيها ، وتعاليم الصادق عليهالسلام الواردة عنه هي من أعظم ما ورد في هذا الباب تشرح حقيقة الخوف والرجاء وكيف يجتمعان وضرورة اجتماعهما في المؤمن وأثر انعدامهما على الانسان ، وما الى ذلك ، فقال في الخوف :
« خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فانّه يراك ، وإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت ، وإن كنت تعلم أنه يراك ثمّ بدرت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك » (١).
أقول : أمّا الكفر بإنكار رؤيته للناس فلأن معناه إنكار علمه بالموجودات وهو يساوق إنكار خلقه بل إنكار وجوده.
وأمّا أنه يكون أهون الناظرين فواضح لأن المرء إذا أحسّ أن أحدا ذا شأن وبطش وقوّة مشرف على عمله ساخط عليه قادر على الفتك به ، فإنه لا محالة يكفّ عن العصيان خجلا أو حذرا وخوفا ، وإنما يكون التهاون بالناظر والمطّلع إذا كان ممّن لا يتّقى أو يخشى أو كان ممّن يستهان برضاه وغضبه وثوابه وعقابه ، فالمبادر بالمعصية مع علمه بأنه تعالى يراه لا محالة قد جعله أهون الناظرين.
وقال عليهالسلام أيضا : من عرف الله خافه ، ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا (٢).
وقال عليهالسلام : إن من العبادة شدة الخوف من الله عزّ وجل ، يقول الله عزّ وجل : « إنما يخشى الله من عباده العلماء » (٣) وقال جلّ ثناؤه : « فلا تخشوا الناس واخشون » (٤) وقال تبارك وتعالى : « ومن يتّق الله يجعل له مخرجا » (٥) ، إن
__________________
(١) الكافي ، باب الخوف والرجاء : ٢ / ٦٧ / ٢.
(٢) نفس المصدر : ٢ / ٦٨ / ٤.
(٣) الملائكة : ٢٨.
(٤) المائدة : ٤٤.
(٥) الطلاق : ٢.