ويرشدنا الى الأرفع من هذا منزلة فيقول : اذا أراد أحدكم ألاّ يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه فلييأس من الناس كلّهم ، ولا يكون له رجاء إلاّ عند الله ، فإذا علم الله عزّ وجلّ ذلك من قلبه لم يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه (١).
وطورا يرغّبنا في الأخلاق الكريمة والصفات الفاضلة فيشير الى التواضع ويصف لنا بعض مواضعه فيقول : من التواضع أن ترضى من المجلس دون المجلس ، وأن تسلّم على من تلقى ، وأن تترك المراء (٢) وإن كنت محقا ، ولا تحبّ أن تحمد على التقوى (٣).
ويذكر عدّة خصال يزدان بها المرء ويسمو بها مرتقى عليّا فيقول لأصحابه :
اسمعوا منّي كلاما هو خير من الدهم الموقّفة (٤) لا يتكلّم أحدكم بما لا يعنيه ، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه ، حتّى يجد له موضعا ، فربّ متكلّم في غير موضعه جنى على نفسه بكلامه ، ولا يمارينّ أحدكم سفيها ولا حليما ، فإن من مارى حليما أقصاه ، ومن مارى سفيها أرداه ، واذكروا أخاكم اذا غاب عنكم بأحسن ما تحبّون أن تذكروا به اذا غبتم ، واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالإحسان (٥).
ويصف لنا حسن الخلق بما يدفعنا على المسارعة بالتخلّق به فيقول : اذا خالطت الناس فإن استطعت ألاّ تخالط أحدا منهم إلاّ كانت يدك العليا عليه
__________________
(١) الكافي ، باب الاستغناء عن الناس.
(٢) الجدال.
(٣) الكافي ، باب التواضع.
(٤) الدهم : الخيل الشديدة السواد ، والموقّفة ـ بتضعيف القاف جمع موقف كعظم ـ من الخيل الأبرش أعلى الاذنين ، كأنهما منقوشان بالبياض.
(٥) مجالس الشيخ الطوسي ، المجلس / ٢.