وممّا أوصى به أصحابه قوله : تزاوروا فإن في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكرا لأحاديثنا ، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض ، فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم ، وإن تركتموها ظللتم وهلكتم ، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم (١).
أقول : حقّا إن الرشد والنجاة بالتمسّك بأقوالهم ، والضلال والهلاك بالصفح عن نصائحهم ، لأنهم لم يدعوا سبيلا للإرشاد إلاّ دلّوا عليه ، ولا طريقا للإضلال إلاّ نهوا عنه.
وقال عليهالسلام : اجعلوا أمركم هذا لله (٢) ولا تجعلوه للناس ، فإنه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد الى السماء ، ولا تخاصموا بدينكم ، فإن المخاصمة ممرضة للقلب ، إن الله عزّ وجل قال لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم « إنّك لا تهدي من أحببت ولكنّ الله يهدي من يشاء » (٣) وقال « أفأنت تكره الناس حتّى يكونوا مؤمنين » (٤) ذروا الناس فإن الناس قد أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن علي عليهالسلام ولا سواء ، وأني سمعت أبي يقول : اذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير الى وكره. (٥)
أقول : فكم كانت محاججات مبتنية على اصول صحيحة يفحم بها أحد الجانبين فلا ينقلب عمّا كان عليه مع وضوح الحقّ لديه وتجلّي الحقيقة ، وكم من ملحد أو كافر اعتنق دين الاسلام بأقلّ دلالة ، وأدنى سبب.
__________________
(١) الكافي ، باب تذاكر الاخوان.
(٢) أحسبه يريد به ولاء أهل البيت.
(٣) القصص : ٥٦.
(٤) يونس : ٩٩.
(٥) الكافي ، باب ترك دعاء الناس.