وقال عليهالسلام وهو يريد من أصحابه التوطين والنظر الى الأمر من بعيد :
اصبروا على الدنيا فإنما هي ساعة ، فما مضى منه فلا تجد له ألما ولا سرورا ، وما لم يجىء فلا تدري ما هو ، وإنما هي ساعتك التي أنت فيها ، فاصبر فيها على طاعة الله ، واصبر فيها عن معصية الله (١).
أقول : إن هذه الكلمة تصوّر لك حال المرء في هذه الحياة ، لأن الماضي منسى حزنا كان أو سرورا ، ولآتي مجهول لا يدرى ، وإنما المرء ابن ساعته ، وصبر ساعة سهل ، سواء كانت طاعة فيأتي بها ، أو معصية فيصفح عنها ، فالإنسان في كلّ ساعة هو لتلك الساعة ، والى هذا أشار الشاعر بقوله :
ما مضى فات والمؤمّل
غيب |
|
ولك الساعة التي
أنت فيها |
وقال عليهالسلام : اجعل قلبك (٢) قريبا برّا ، وولدا مواصلا ، واجعل عملك والدا تتبعه ، واجعل نفسك عدوّا تجاهده ، واجعل مالك عارية تردها (٣).
وقال عليهالسلام : إن قدرت ألاّ تعرف فافعل ، ما عليك ألاّ يثني عليك الناس ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله (٤).
وقال يحثّ على الدعاء : الدعاء يردّ القضاء ما ابرم ابراما ، فاكثر من الدعاء فإنه مفتاح كلّ رحمة ، ونجاح كلّ حاجة ، ولا ينال ما عند الله عزّ وجل إلاّ بالدعاء ، وأنه ليس باب يكثر قرعه إلاّ ويوشك أن يفتح لصاحبه (٥).
وقال ، وما أشرفها كلمة : لا تطعنوا في عيوب من أقبل إليكم بمودّته ولا
__________________
(١) بحار الأنوار : ٧٨ / ٣١١.
(٢) أحسب أنه يريد من القلب هاهنا ـ العقل ـ فإنه جاء ذلك كثيرا في الأحاديث.
(٣) البحار ، في أحواله ج ١١.
(٤) بحار الأنوار : ٧٨ / ٢٢٤ / ٩٥.
(٥) الكافي ، باب الدعاء يردّ البلاء والقضاء.