ولا حوّاء ، ولا الجنّة ولا النّار ، ولا السماء ولا الأرض ، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم الى معرفة ربّنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه ، لأنّ أوّل ما خلق الله عزّ وجلّ خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده ، ثمّ خلق الملائكة فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظمت أمرنا فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون وأنّه منزّه عن صفاتنا ، فسبّحت الملائكة تسبيحنا ونزّهته عن صفاتنا ، فلمّا رأوا عظم شأننا هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ الله وإنّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه ، فقالوا ، لا إله إلاّ الله ، فلمّا شاهدوا كنه محلّنا كبّرنا لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر [ من ] أن يناله عظم المحلّ إلاّ به ، فلمّا شاهدوا ما جعل الله لنا من العزّ والقوّة قلنا : « لا حول ولا قوّة إلاّ بالله » لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ، فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا واوجبه لنا من فرض طاعتنا قلنا « الحمد لله » لتعلم الملائكة ما يحقّ لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه ، فقالت الملائكة : الحمد لله ، فبنا اهتدوا الى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتمجيده وتحميده.
ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون.
ولمّا عرج بي الى السماء أذّن جبريل عليهالسلام مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى ثمّ قال لي : تقدّم يا محمّد.
فقلت له : جبريل أتقدّم عليك؟
فقال : نعم ، لأنّ الله تعالى فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين ، وفضّلك خاصّة فتقدّمت فصلّيت بهم ولا فخر. فلمّا انتهيت الى حجب النور قال لي جبريل : تقدّم يا محمّد وتخلّف عنّي.
فقلت : يا جبريل في مثل هذا الموضع تفارقني؟
فقال : يا محمّد إن انتهاء حدّي الذي وضعني الله عزّ وجلّ فيه الى هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدّي حدود ربّي جلّ جلاله.