أخطأت رأسه ، فزرقه وحشيّ بالحربة فوق الثدي فسقط ، وشدّوا عليه فقتلوه ، فأخذ وحشيّ الكبد فشدّ بها الى هند ، فأخذتها فطرحتها في فيها ، فصارت مثل الداعصة ـ وهي العظم المدوّر الذي يتحرّك على رأس الركبة ـ فلفظتها ، ويقال : صارت حجرا. وأتت هند وجدعت أنف حمزة واذنه وجعلتها في مخنقتها بالذريرة (١) مدّة.
فلمّا رأى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حمزة خنقته العبرة وقال : لامثّلنّ سبعين من قريش.
فنزل : ( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ ) (٢). فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : بل أصبر (٣).
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مشغولا عنه لا يعلم ما انتهى إليه الأمر (٤).
قال زيد بن وهب : قلت لابن مسعود : انهزم الناس عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى لم يبق معه إلاّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وأبو دجانة وسهل بن حنيف.
قال ابن مسعود : انهزم الناس إلاّ عليّ بن أبي طالب وحده ، وثاب الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نفر أوّلهم عاصم بن ثابت وأبو دجانة وسهل بن حنيف ، ولحقهم طلحة بن عبيد الله.
فقلت له : فأين كان أبو بكر وعمر؟
قال : كانا ممّن تنحّى.
قلت : فأين كان عثمان؟
قال : جاء بعد ثلاثة أيّام من الوقعة ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد ذهبت فيها عريضة.
قال : قلت له : فأين كنت أنت؟
قال : كنت ممّن تنحّى.
__________________
(١) الذريرة : فتات من قصب الطيب الذي يجاء به من بلد الهند يشبه قصب النّشاب ( لسان العرب ٤ / ٣٠٣ ).
(٢) النحل : ١٢٦.
(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ١٩٣.
(٤) الإرشاد للمفيد : ص ٤٥.