القوم فأفرجوا فإذا أنا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد وقع على الأرض مغشيّا عليه ، فوقفت على رأسه ، فنظر إليّ وقال : ما صنع الناس يا عليّ؟
فقلت : كفروا يا رسول الله وولّوا الدّبر من العدوّ وأسلموك.
فنظر النبيّ عليهالسلام الى كتيبة أقبلت إليه ، فقال لي : ردّ عنّي يا عليّ هذه الكتيبة. فحملت عليها بسيفي أضربها يمينا وشمالا حتّى ولّوا الأدبار.
فقال لي النبيّ عليهالسلام : ما تسمع يا عليّ مدحتك في السماء! إنّ ملكا يقال له رضوان ينادي : لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ عليّ. فبكيت سرورا وحمدت الله على نعمته (١).
وروى الحسن بن محبوب ، قال : حدّثنا جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهمالسلام قال : كان أصحاب اللواء يوم احد سبعة (٢) قتلهم عليّ عليهالسلام عن آخرهم وانهزم القوم ، فلم يعد بعدها أحد منهم ، وتراجع المنهزمون من المسلمين الى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وانصرف المشركون الى مكّة ، وانصرف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الى المدينة فاستقبلته فاطمة عليهاالسلام معها إناء فيه ماء ، فغسل به وجهه ، ولحقه امير المؤمنين عليهالسلام وقد خضب الدم يده الى كتفه ومعه ذو الفقار ، فناوله فاطمة عليهاالسلام ، وقال لها : خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم وأنشأ يقول :
أفاطم هاك السيف غير ذميم |
|
فلست برعديد (٣) ولا بمليم (٤) |
لعمري لقد اعذرت في نصر أحمد |
|
وطاعة ربّ بالعباد رحيم (٥) |
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : خذيه يا فاطمة فقد أدّى بعلك ما عليه ، وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش.
وروي : أنّه لمّا انتهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الى فم الشعب خرج عليّ عليهالسلام حتى ملأ
__________________
(١) الإرشاد للمفيد : ص ٤٦ ـ ٤٧.
(٢) في الإرشاد : تسعة.
(٣) الرعديد : الجبان ( لسان العرب ٣ / ١٧٩ ).
(٤) المليم بمعنى الملوم ( لسان العرب ١٢ / ٥٥٨ ).
(٥) في الإرشاد : « عليم » بدل « رحيم ».