فقالوا : آته. فأتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وسمع منه مثل مقاله لبديل ، ورأى تعظيم الصحابة له صلىاللهعليهوآلهوسلم فلمّا رجع قال : أي قوم والله لقد وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي فلم أر قطّ ملكا تعظّمه أصحابه ما يعظّم أصحاب محمّد محمّدا ، يقتتلون على وضوئه ويتبادرون لأمره ويخفضون أصواتهم عنده وما يحدّون إليه النظر تعظيما له ، وأنّه قد عرض عليكم خطّة رشد فاقبلوه.
فقال رجل من كنانة : آته. فلمّا أشرف عليهم قال النبيّ عليهالسلام : هذا فلان ، وهو من قوم يعظّمون البدن فابعثوها. فبعثت ، واستقبل القوم يلبّون ، فلمّا رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدّوا عن البيت.
ثمّ جاء مكرز بن حفص فجعل يكلّم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ جاء سهل بن عمرو فقال النبيّ عليهالسلام : قد سهل عليكم أمركم. فجلس وضرع الى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصلح ، ونزل عليه الوحي بالإجابة الى ذلك وأن يكتب عليّ عليهالسلام.
فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : اكتب بسم الله الرحمن الرّحيم ... القصّة.
ثمّ كتب : باسمك اللهمّ ، واصطلحا على وضع الحرب عن الناس سبع سنين ، يأمن فيها الناس ويكفّ بعضهم عن بعض ، ويأمن المحتازون من الفريقين (١).
ولمّا تمّ الصلح نحر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هديه في مكانه.
ولمّا نزل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذه النوبة الجحفة فلم يجد بها ماء ، فبعث سعد بن مالك في الروايا (٢) حتّى إذا كان غير بعيد رجع سعد بالروايا فقال : يا رسول الله ما أستطيع أن أمضي لقد وقفت قدماي رعبا من القوم.
فقال له النبيّ عليهالسلام : اجلس.
ثمّ بعث رجلا آخر فخرج بالروايا حتّى إذا كان بالمكان الذي انتهى إليه الأوّل رجع ، فقال له النبيّ عليهالسلام : لم رجعت؟
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣. في الأصل ، المختارون.
(٢) الرواية : المزادة فيها الماء ، ويسمّى البعير راوية على تسمية الشيء باسم غيره لقربه منه ( لسان العرب ١٤ / ٣٤٦ ).