خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك.
قال سلمة : فخرج والله بها يهرول هرولة وإنّا خلفه نتّبع أثره حتّى ركز رايته في رضم (١) من حجارة تحت الحصن ، فأطلع إليه يهوديّ من رأس الحصن فقال : من أنت؟ قال : أنا عليّ بن أبي طالب. قال اليهوديّ : علوتم وما انزل على موسى. فما رجع حتّى فتح الله على يديه (٢).
وروي عن أبي رافع مولى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : خرجنا مع عليّ عليهالسلام حين بعثه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم ، فضرب رجل من اليهود فطرح ترس عليّ عليهالسلام من يده ، فتناول عليهالسلام بابا كان عند الحصن فتترّس به عن نفسه ، فلم تزل في يده وهو يقاتل حتّى فتح الله عليه ، ثمّ ألقاه من يده حين فرغ ، فلقد رأيتني في نفر سبعة معي أناثا منهم نجهد على أن نقلب الباب فما نقلبه (٣).
وروي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له في دعائه : اللهمّ قه الحرّ والبرد. وقال له : خذ الراية ـ وكانت بيضاء ـ وامض بها فجبريل معك ، والنصر أمامك ، والرعب مبثوث في صدور القوم. واعلم يا عليّ إنّهم يجدون في كتبهم أنّ الذي يدمّر عليهم اسمه إليا ، فإذا لقيتهم فقل : أنا عليّ فانّهم يخذلون إن شاء الله.
قال عليّ عليهالسلام : فمضيت بها حتّى أتيت الى الحصن ، فخرج مرحب عليه مغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يقول :
قد علمت خيبر أنّي مرحب |
|
شاكي السلاح بطل مجرّب |
فقلت :
أنّا الذي سمّتني امّي حيدرة |
|
ليث لغابات شديد قسورة (٤) |
أكيلكم بالسيف كيل السندرة (٥) |
__________________
(١) الرضم : الحجارة المجتمعة.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام : ج ٣ ص ٢١٦.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام : ج ٣ ص ٢١٦.
(٤) القسورة : الأسد ، والقسورة : الشجاع ( لسان العرب ٥ / ٩٢ ).
(٥) السندرة : مكيال كبير ضخم. ومعنى البيت : أقتلكم قتلا واسعا كبيرا ذريعا ( لسان العرب ٤ / ٣٨٢ ).