فقال عبّاس : أنا له. فقال : أنت غضبان لعلّك تؤذيه.
فقال أبو طالب : أنا له. فقال : أنت له ، يا محمّد أطع له.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أباه لا تحزن فإنّ لي ربّا لا يضيّعني.
فأمسكه أبو طالب في حجره وقام بأمره يحميه بنفسه وماله وجاهه في صغره من اليهود المرصدة له بالعداوة ومن غيرهم من بني أعمامه ومن العرب قاطبة الذين يحسدونه على ما آتاه الله به النبوّة فيه. وأنشد عبد المطّلب :
اوصيك يا عبد مناف بعدي |
|
بموحّد بعد أبيه فرد (١) |
وقال :
وصيّت من كنّيته بطالب |
|
عبد مناف وهو ذو تجارب |
بابن الحبيب أكرم الأقارب |
|
بابن الذي قد غاب غير آئب (٢) |
فتمثّل أبو طالب وقد كان سمع من الراهب وصفه :
لا توصني بلازم وواجب |
|
بان بحمد الله قول الراهب |
إنّي سمعت اعجب العجائب |
|
من كلّ حبر عالم وكاتب (٣) |
وفي كتاب الشيصان : روى أبو أيّوب الأنصاري أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقف بسوق ذي المجاز فدعاهم إلى الله ، والعبّاس قائم يسمع الكلام فقال : أشهد أنّك كذّاب ، ومضى إلى أبي لهب فذكر له ذلك ، فأقبلا يناديان : أين ابن أخينا ، هذا كذّاب فلا يغيّرنكم عن دينكم. قال : واستقبل النبيّ عليهالسلام أبو طالب فاكتنفه ، وأقبل على أبي لهب والعبّاس فقال لهما : ما تريدان تبّت أيديكما ، والله أنّه لصادق القيل. ثمّ أنشد أبو طالب يقول :
أنت الأمين أمين الله لا كذب |
|
والصادق القيل لا لهو ولا لعب |
أنت الرسول رسول الله يعلمه |
|
عليك تنزّل من ذي العزّة الكتب (٤) |
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٣٥ ـ ٣٦.
(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٣٥ ـ ٣٦.
(٤) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٥٦.