ثمّ قال : اليوم ماتت امّي ، اليوم مات أبي ، اليوم مات عمّي ، جزاك الله عنّي خيرا ، ثمّ دمعت عيناه ، وخرج من القبر وحثا عليها التراب.
ثمّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لأصحابه : تفرّقوا عنّي. ثمّ وقف على قبرها فقال : يا فاطمة هل آمنك الله ممّا خفت؟ فسمعناه يقول : الحمد لله. ثمّ قال : يا فاطمة هل أنجز لك ربّي ما ضمنت أن ينجزه لك؟ فسمعناه يقول : الحمد لله. ثمّ قال : يا فاطمة هل كفيت ما ضمنت لك أن يكفيك إيّاه؟ فسمعناه يقول : الحمد لله.
فقلنا : يا رسول الله سمعناك تقول كيت وكيت.
فقال : نعم كنت عندها فحدّثتها بما أعطاني الله عزّ وجلّ في الجنّة ، فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني معك في دارك ، فضمنت لها ذلك على الله عزّ وجلّ ، فقلت لها : هل أنجز الله لك ما ضمنت لك عنه؟ فقالت : نعم ، فقلت : الحمد لله. وكنت قد قلت لها يوما وحدّثتها حديث منكر ونكير فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يثبّتني بالقول الثابت وأن يكفينيهما ، فقلت لها : هل آمنت ممّا خفت؟ فقالت : نعم ، فقلت : الحمد لله. وكنت قد قلت لها يوما وحدّثتها بضغطة القبر وهول المطلع ، فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يكفيني هول المطلع ويقوّيني على ضغطة القبر ، فقلت لها : هل أنجز الله لك ما سألت؟ قالت : نعم ، فقلت : الحمد لله (١).
وروي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقف على شفير قبرها فقال : يا فاطمة قولي ابني ابني ، فقيل له في ذلك ، فقال : يأتي القبر ملكان فأوّل ما يسألان عن شهادة أن لا إله إلاّ الله وهي شهادة الحقّ التي قامت بها السماوات والأرض ، ثمّ عن الإقرار بالشهادة لي التي لا تفتح لشيء أبواب السماء إلاّ بها ، ثمّ عن ولاية هذا ـ وأشار إلى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ـ ثمّ قال إنّ الملكين سألاها عن الشهادة فأدّتها ، وعن الإقرار بي فأدّته ، وارتجّ عليها حين قيل لها فمن وليّك ، فقلت : قولي ابني ابني علي بن أبي طالب ، قال : ففتح لها باب من أبواب الجنّة ، ومهّد لها مهاد من مهاد الجنّة ، وبعث إليها بريحان من رياحين الجنّة ، وهي في روح وريحان وجنّة نعيم ، وقبرها روضة
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ١٧٩ مختصرا.