وأمرتهم بعبادتك ، لا حاجة منك إليهم ، في كلام له.
ثمّ أمر بضرب القداح وقال : اللهمّ إليك أسلمتهم ، ولك أعطيتهم ، فخذ من اخترت منهم فإنّي راض بما حكمت ، وهب لي أصغرهم سنّا فإنّه أضعفهم ركنا. ثمّ أنشأ يقول :
يا ربّ لا تخرج عليه قدحي |
|
واجعل له واقية من ذبحي |
فخرج السهم على عبد الله. فأخذ عبد المطلب الشفرة وأتى عبد الله حتّى أضجعه في الكعبة وقال :
هذا بنيّ قد اريد نحره |
|
والله لا يقدر شيء قدره |
فإن يؤخّره يقبل عذره ثمّ همّ بذبحه ، فأمسك أبو طالب يده وقال :
كلاّ وربّ البيت ذي الأنصاب |
|
ما ذبح عبد الله بالتلعاب (١) |
ثمّ قال : اللهمّ اجعلني فديته وهب لي ذبحته ، وقال :
خذها إليك هديّة يا خالقي |
|
روحي وأنت مليك هذا الخافق |
وعاونه أخواله من بني مخزوم ، وقال بعضهم :
يا عجبا من فعل عبد المطّلب |
|
وذبحه ابنا كتمثال الذهب |
فأشاروا عليه بكاهنة بني سعد ، فخرج في ثمانمائة رجل وهو يقول :
تعاورني هم فضقت به ذرعا |
|
ولم استطع ممّا تجلّلني دفعا |
نذرت ونذر المرء دين ملازم |
|
وما للفتى ممّا قضى ربّه منعا |
وعاهدته عشرا فلمّا تكمّلوا |
|
اقرّب منهم واحدا ماله رجعا |
فأكملهم عشرا فلمّا هممت أن |
|
أفي بذاك النذر ثار له جمعا |
يصدّونني عن أمر ربّي وأنّني |
|
سأرضيه مشكورا ليكسبني نفعا |
فلمّا دخلوا عليها قال :
يا ربّ انّي فاعل لما ترد |
|
إن شئت ألهمت الصواب والرشد |
__________________
(١) التلعاب : مصدر لعب.