فقالت الفرقة العلويّة : إنّ الإمام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام بنصّه عليه وإشارته إليه ، ثمّ بالعصمة.
ومعنى قولهم العصمة : إنّه عليهالسلام لم يهمّ بمعصية قطّ ، ولا اختارها في حالتي كبر وصغر ، ولا عبد صنما ولا وثنا.
وقالت الفرقة البكريّة : إنّ الإمام أبو بكر باختيار بعض الناس له واجتماعهم عليه. وهذه الفرقة لا تنزّه الأنبياء والأوصياء عن المعاصي ، وتجوّز عليهم الخطأ والغلط.
وقولهم « إنّ أبا بكر هو الإمام باختيار الامّة واجتماعهم » فهو غلط باطل ، لأنّ الذي يختار الإمام يجب أن يكون أفضل منه ومن جميع الامّة ، فإذا تساوى الإمام والمأموم افتقروا الى إمام ، وهذا يفضي الى ما لا نهاية له ، فصار كلّ قبيلة تختار لأنفسها إماما فتجتمع أئمة لا يحصون كثرة ، وفي هذا بطلان ما ادّعوه ، لأنّ إمامين لا يجتمعان بإجماع المسلمين.
ومعلوم أنّ من جاز له أن يختار إماما جاز له أن يختار نبيّا ، لأنّ الإمام خليفة النبيّ ، ولو أنّ عشرة نفر كانت بهم علّة واحدة لم يجز لأحدهم أن يداوي الباقين ، لأنّ العلّة التي فيهم موجودة فيه ، فيحتاج طبيبهم الى طبيب ، ونعلم ضرورة حاجتهم الى طبيب ليس فيه ما فيهم حتى يداويهم ، وهذا ما لا يخفى على ذي فضل وعقل.
فلمّا انتهت مدّة أبي بكر خالف الامّة وترك الاختيار ونصّ على عمر ، ولمّا انتهت مدّة عمر خالف أبا بكر وجعل الأمر بعده شورى في ستّة أحدهم أمير المؤمنين ، وقال عمر : « كانت بيعة أبي بكر فلتة من عاد الى مثلها فاقتلوه » (١) وفي بعض الروايات « اضربوه بالسيف ».
والكلام على الإمام من وجوه ثلاثة :
أحدها : من طريق العقل ، وقد تقدّم.
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد على نهج البلاغة : ج ١ ص ١٢٣.