لا يقال : لم لا يجوز أن يكون المراد من هذا الجهاد مع النبيّين كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (١).
لأنّا نقول : إنّ قوله ( عَلَى الْقاعِدِينَ ) يدلّ على أنّ المراد من ذلك الجهاد : الجهاد مع أعداء الله.
الحجّة الخامسة : التمسّك بقصّة فتح خيبر.
قالوا : روي عنه عليهالسلام أنّه بعث أبا بكر الى خيبر فرجع منهزما ، ثمّ بعث عمر فرجع أيضا منهزما ، وبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فبات ليلته مغموما ، فلمّا أصبح خرج الى الناس ومعه الراية ، فقال : « لاعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار » فتعرّض لها المهاجرون والأنصار ، فقال الرسول عليهالسلام : أين عليّ؟ فقالوا : إنّه أرمد ، فتفل في عينيه ثمّ دفع إليه الراية.
ثمّ قالوا : هذا الحديث وكيفيّة هذه الواقعة تدلّ على أنّ ما وصف به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا لم يكن ثابتا في أبي بكر وعمر لأنّهما رجعا منهزمين ، وغضب الرسول عليهالسلام من ذلك ، وقال : لأعطين الراية رجلا من صفته كذا وكذا ، وهذا يوجب أنّ شيئا من هذه الصفات ما كان حاصلا لأولئك الذين غضب [ الرسول ] عليهم. ألا ترى لو أنّ ملكا حصيفا أرسل رسولا الى غيره في مهمّ ففرّط الرسول في أداء تلك الرسالة ، فغضب الملك وقال : لارسلن غدا رسولا حصيفا حسن القيام بأدائها لكان يعلم كلّ عاقل أنّ الذي وصف به الرسول الثاني وأثبته له ليس موجودا في الأول.
الحجّة السادسة : إيمان علي كان قبل إيمان أبي بكر ، وإذا كان كذلك كان أفضل من أبي بكر.
أمّا المقدّمة الاولى فيدلّ عليه وجوه :
أحدها : ما روي أنّ عليّا قال على المنبر : « أنا الصدّيق الأكبر ، آمنت قبل أن
__________________
(١) العنكبوت : ٦٩.