وكان هذا منصبا عظيما في الفضل.
ومنها : علم التفسير ، وابن عبّاس رئيس المفسّرين ، وهو كان تلميذ عليّ عليهالسلام.
ومنها : علم الفقه ، وكان فيه في الدرجة العالية ، ولهذا قال عليهالسلام : « أقضاكم عليّ » (١) وقال عليّ : « لو كسرت لي الوسادة لحكمت لأهل التوراة بتوراتهم » (٢) على ما نقلناه.
ومنها : علم الفصاحة ، ومعلوم أنّ أحدا من الفصحاء الذين بعده لم يدركوا درجته ، ولا القليل من درجته.
ومنها : علم النحو ، ومعلوم أنّه إنّما ظهر منه ، وهو الذي أرشد أبا الأسود الدؤلي إليه.
ومنها : علم تصفية الباطن ، ومعلوم أنّ نسب جميع الصوفية ينتهي إليه.
ومنها : علم الشجاعة وممارسة الأسلحة ، ومعلوم أنّ نسب هذا العلم انتهى إليه.
فثبت بما ذكرنا أنّه صلوات الله عليه كان استاذ العالمين بعد محمّد صلوات الله عليه وآله في جميع الخصال المرضيّة والمقامات الشريفة. وإذا ثبت أنّه كان أعلم الخلق بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجب أن يكون أفضل الخلق بعد رسول الله لقوله تعالى :
( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ... ) الآية (٣) وقوله تعالى : ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (٤).
الحجّة الرابعة : في بيان أنّ عليا أفضل الصحابة ، لأنّ عليّا كان أكثر جهادا من أبي بكر ، فوجب أن يكون أفضل منه.
أمّا الأول فالأمر فيه ظاهر لمن قرأ كتاب السير. وأمّا أنّ من كان أكثر جهادا كان أفضل فلقوله تعالى : ( وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) (٥).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ٣ ص ٩٦.
(٢) بحار الأنوار : ج ٤٠ ص ١٣٦ باب ٩٣ ح ٢٨.
(٣) الزمر : ٩.
(٤) المجادلة : ١١.
(٥) النساء : ٩٥.