حدّث النيشابوري بحذف الإسناد ، قال حدّثنا عبد الرزاق بن معمر ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبّاس ، قال : كان حسّان بن ثابت واقفا بمنى والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه مجتمعون ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : معاشر المسلمين هذا عليّ سيّد العرب والوصيّ الأكبر ، منزلته منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، لا تقبل توبة من تائب إلاّ بحبّه ، يا حسّان قل فيه شيئا. فأنشأ يقول :
لا تقبل التوبة من تائب |
|
إلاّ بحبّ ابن أبي طالب |
أخا رسول الله ، بل صهره |
|
والصهر لا يعدل بالصاحب |
وقال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) فأتبع الله تعالى فرض طاعة اولي الأمر فرض طاعة الرسول ، كما أتبع فرض طاعة الرسول فرض طاعة نفسه ، ثمّ لم يفسخ ذلك ولم يرخّص في تركه ، فهو واجب أبدا لاولي الأمر ، ولا بدّ إذا أوجب الله تعالى هذا لهم من إبانتهم وتمييزهم من سائر المؤمنين الذين وجبت عليهم طاعة الرسول وطاعة اولي الأمر ليعلم المؤمنون بطاعة من امروا ومن هؤلاء الذين رفع الله اقتدارهم وأوجب على الخلق طاعتهم وأضافها الى طاعته وطاعة رسوله ، ولأن لا يسوغ لغيرهم أن ينازعهم ذلك أو يدّعيه معهم ، ولأنّ الله تعالى لا يعمّي الفروض ولا يبهمها ولا يلبّس على خلقه أمر دينهم ، وإبانتهم وتميّزهم من سائر المؤمنين لا يعلم إلاّ بالرسول في زمانه ، ثمّ من أقامه الرسول مقامه من بعده.
وإذا كان تميّزهم وإبانتهم من الناس لا بدّ للامّة منه فقد علمنا أنّ الرسول قد فعل ذلك ، وقد كشفه وبيّنه لانّه عليهالسلام لا يترك المأمورين به إلاّ مع تبيينه وكشفه ، وتبيين الرسول ذلك مغن للامّة عن أن يختاروا لأنفسهم أو يبايع غير من أقامه ، وكذلك القائم به بعد الرسول بيّن من ذلك ما التبس على رعيّته إذا احتاجوا الى ذلك منه والتمسوا علمه من عنده ، وكلّ ما لم يكن منه بدّ فالله تعالى غير تاركه ولا رسوله ولا أولياء الأمر بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) النساء : ٥٩.