قيل : اجتمع هشام بن الحكم وحفص بن سالم في مجلس ، فقال هشام لحفص : أخبرني هل يجوز أن يخرج الحقّ من الامّة حتى يكون الحقّ موجودا في غير الامّة؟
قال حفص : لا يجوز ذلك.
فقال هشام : أو ليس إنما اختلفت الامّة في عليّ وأبي بكر والخلافة كانت لأحدهما ـ لا محالة ـ بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
قال حفص : بلى.
قال هشام : أفليس قد سقط العبّاس بقرابته ومعاذ بن جبل بعلمه؟
قال حفص : بلى.
قال هشام : وقد سقط الناس كلّهم بعد هذين؟
قال : نعم.
قال : فلا يحتاج إذن الى النظر في أمرهم وإنمّا النظر في أبي بكر وعليّ أيّهما يستحقّ الخلافة ممّن لا يستحقّها إذا كان الأمر بالاختيار على ما زعمتم؟
قال : نعم.
قال هشام : أفليس قد رويتم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « عليّ أقضاكم » ورويتم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وجّهه الى اليمن قاضيا قال : يا رسول الله تبعثني ولا بصر لي بالقضاء ، فضرب بيده على صدره ثمّ قال : « اللهمّ اهد قلبه واشرح صدره » فقال علي عليهالسلام : فما شككت في قضاء بعدها. ورويتم أنّه قال : كنت إذا سألت اعطيت ، وإذا سكتّ ابتدأت ، وبين الجوانح علم جمّ ، وعلّمني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ألف باب من العلم كلّ باب يفتح ألف باب ، ولقد علّمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب ، وقال النبي عليهالسلام : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » مع اتّفاق المختلفين أنّه كان أعلم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى صار المأخوذ قوله في عامّة أحكامهم؟
قال حفص : بلى ، ولا ننكر فضل عليّ وبصره بالقضاء وبما حكى عن نفسه من العلم وما ظهر منه ، وأنّهم كلّهم قد سألوه واحتاجوا إليه ، ولم يسأل هو أحدا منهم ولا احتاج إليه.