أبي طالب يباهي الله عزّ وجلّ بك الملائكة ، فأنزل الله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (١).
وقال صالح بن ميثم ، عن زاذان بن سلمان الفارسي رضياللهعنه أنّه قال : كنّا جلوسا عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مسجده بعد قدومه من حجّة الوداع ، إذ جاءه أعرابي فحيّاه بتحيّة الإسلام ، ثمّ قال : وأيم الله لقد آمنّا بك يا رسول الله قبل أن نلقاك ، واتّبعناك قبل أن نراك ، جاءتنا رسلك فدعتنا الى أن نعبد الله وحده ونذر ما ألفينا عليه آباءنا من عبادة أوثانها وطواغيتها ، فعرفنا حقّ ذلك فآمنّا ، وأمرتنا عنك بالصلاة فصلّينا ، وبالزكاة فزكّينا ، وبالصيام فصمنا ، واستنهضتنا الى جهاد من يلينا من قومنا فسمعنا وأطعنا ، ثمّ نبّأتنا أنّ الله كتب علينا الحجّ الى بيته الحرام ، فأردت أن أقبل إليك مع من أقبل إليك من قومي فمرضت فلم استطع مسيرا ، فلمّا ذهب عنّي ما كنت أجد أقبلت إليك فتوجّه معي من شهد المنسك معك ، فنبّئني بأبي أنت وامّي من الحجّ هل هو في كلّ عام أم نقطع بحجّتك هذه يا نبيّ الله؟
قال : بل هو قائم أجرها في كلّ عام.
قال : فهل كتب على الناس ذلك أم تجزيهم حجّة واحدة؟
قال : الله أرحم بخلقه في ذلك ، لا بل تجزيهم حجّة واحدة.
قال : فأنا منطلق لوجهي هذا فحاجّ الى بيت الله الحرام.
قال له : لا بل أقم ببلاد قومك أو حيث شئت من بلاد الله حتى تأتي أشهر الحج ، فإذا جاءت فسر حتى تشهد الإفاضتين من عرفة ومزدلفة في شهر ذي الحجّة ، فانّ الله جعل للحجّ ميقاتا.
قال : فإذا دنا الشهر فإنّي قادم فمطلعك يا نبيّ الله على ما احدثه في حجّتي فإنّي امرؤ نسيّ.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : كيف قد نعيت إليّ نفسي واوحي إليّ انّي غير لابث في الناس
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٦٥.