قال : إذا ولد بتهامة غلام ، بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ولكم الدعامة الى يوم القيامة.
فقال : أيّها الملك قد أتيت بخبر ما أتى بمثله أحد ، ولو لا هيبة الملك وإجلاله لسألته من سارّي ما أزداد به سرورا.
قال : هذا حينه الذي يولد فيه أوقد ولد ، اسمه أحمد ، يموت أبوه وامّه ويكفله جدّه وعمّه ، قد ولد سرارا والله باعثه جهارا ، وجاعل له منّا أنصارا ، يعزّ بهم أولياءه ، ويذلّ بهم أعداءه ، ويفتح بهم كرائم الأرض ، ويضرب بهم الناس عن عرض ، يخمد الأديان ، ويكسر الأوثان ، ويعبد الرحمن ، قوله حكم وفصل ، وأمره حزم وعدل ، يأمر بالمعروف ويفعله ، وينهى عن المنكر ويبطله.
فقال عبد المطّلب : أيّها الملك دام ملكك وعلا كعبك فهل الملك ساري بإفصاح ، فقد أوضح بعض الإيضاح.
فقال ابن ذي يزن : والبيت ذي الحجب ، والعلامات على النصب ، إنّك يا عبد المطّلب جدّه غير كذب.
فخرّ عبد المطّلب ساجدا.
قال ابن ذي يزن : ارفع رأسك ثلج صدرك ، وعلا أمرك ، فهل أحسست شيئا ممّا ذكرت لك؟
قال عبد المطّلب : أيّها الملك كان لي ابن كنت له محبّا ، وعليه حذرا مشفقا ، فزوّجته كريمة من كرائم قومه يقال لها آمنة بنت وهب بن عبد مناف ، فجاءت بغلام بين كتفيه شامة ، وفيه كلّما ذكرت من علامة ، مات أبوه وامّه ، فكفلته أنا وعمّه.
قال ابن ذي يزن : إنّ الذي قلته لك كما قلت فاحفظ ابنك واحذر عليه من اليهود ، فإنّهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا ، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإنّي لست آمنهم أن يدخلهم النفاسة من أن يكون لك الرئاسة ، فيبغون لك الغوائل ، وينصبون لك الحبائل ، وهم فاعلون أو أبناؤهم ، ولو لا أنّي أعلم أنّ الموت مدركي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير