الزبير فانصرف وفيه جراحة كثيرة. ويقال : إنّ الأشتر قال في ذلك :
أعائش لو لا انّني كنت طاويا ثلاثا |
|
لألفيت ابن اختك هالكا |
عشيّة يدعو الرماح تنوشه |
|
بآخر صوت اقتلوني ومالكا (١) |
فنجّاه منّي أكله وشبابه |
|
وخلوة جوف لم يكن متناهكا |
وقد روي عن ابن الزبير أنّه قال : كان الأشتر طاويا ثلاثا ، وكذلك كانت تفعل فرسان العرب إذا أرادوا القتال ، لأنّهم كانوا يكرهون الشبع في الحرب كراهة أن يطعن أحدهم في بطنه فيظهر منه شيء يكرهه.
وانفلق عمود الصبح ليلة الاثنين فصلّى عليّ عليهالسلام بأصحابه ثمّ قال : يا قنبر عليّ بدرعي. فأتاه بها ، فصبّها عليه ، وهي درع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات الفضول.
وتقلّد ذا الفقار. وتعمّم بعمامة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم السحاب ، ثمّ خرج من فسطاطه ، وركب بغلة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الدلدل ثمّ سلّ سيفه وهزّه ونادى : يا معشر المهاجرين والأنصار ابرزوا لله وجدّوا في قتال عدوّكم رحمكم الله.
ثمّ دعا محمّد ابنه وقال له : اركب فرسك ، فركبها ، ودفع إليه الراية من يده ، وهي العقاب راية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر ، وقال له : يا محمّد تقدّم أمام الكتيبة. فتقدّم محمّد والراية بيده تخفق فوق رأسه ، وكانت سوداء.
ثمّ سار عليّ عليهالسلام بالناس والحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وعبد الله بن جعفر الطيّار في الجنّة أمامه ، ومحمّد وعون ابنا جعفر من ورائه ، وعبد الله والفضل وعبيد الله وقثم بنو العباس بن عبد المطلب بعضهم عن يمينه وبعضهم عن يساره ، والمهاجرون والأنصار قد احتولوه وأحدقوا به. وأمرهم ألا يبدؤوهم بقتال حتى يبدؤوهم به.
وأنشأ عدي بن حاتم يقول :
يا ربّنا سلّم لنا عليّا |
|
سلّم لنا المبارك التقيّا |
المؤمن المسترشد الرضيّا |
|
واجعله هادي أمّة مهديّا |
__________________
(١) مصنفات الشيخ المفيد : ج ١ ص ٣٥٠.