لم يرض بك حكما والمتقدّمون عليك كثير ، ولكن القوم أبوا غيرك ، وقد ضمّوا داهية العرب معك ، وما نسيت فلا تنس أنّ عليّا عليهالسلام بايعه الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان ، وليست فيه خصلة تباعده من الخلافة.
وكان من أمر الحكمين ما كان ، وحيث انفصلا على ما انفصلا عليه وتسابّا ، ركب أبو موسى راحلته ولحق بمكّة ولم يعد الى الكوفة وآلى أن لا ينظر في وجه عليّ عليهالسلام حتى يموت. ومضى ابن عمر وسعد الى بيت المقدس فأحرما.
وفي فعل الحكمين يقول أيمن بن حريم بن قاتل الأسدي :
لو كان للقوم أمر يعصمون به |
|
عند الخطوب رموكم بابن عبّاس |
لكن رموكم بوغد من ذوي يمن |
|
لم يدر ما ضرب أخماس بأسداس |
وقال آخر :
رضينا بحكم الله لا حكم غيره |
|
وبالله ربّا والنبيّ وبالذكر |
وبالأصلع الهادي عليّ إمامنا |
|
رضينا بذاك الشيخ في العسر واليسر |
رضينا به حيّا وميتا وأنّه |
|
إمام الهدى في الوقف والنهي والأمر |
ولأبي موسى يقول ابن أعين :
أبا موسى بليت وكنت شيخا |
|
قريب القعر مخروق اللسان |
رمى عمرو صفاتك بابن قيس |
|
فيا لله من سفح يماني |
فأمسيت العشية ذا اعتذار |
|
ضعيف العذر منكوب العياني |
تعضّ الكفّ من ندم وما ذا |
|
يردّ عليك عضّك بالبنان |
وانصرف عمرو الى منزله ولم يأت معاوية ، فأرسل معاوية إليه يدعوه ، فقال له : إنّما كنت آتيك إذا كانت إليك حاجة فأمّا إذا كانت الحاجة إلينا فأنت أحقّ أن تأتينا فعلم معاوية ما قد دفع إليه ، فخمّر الرأي وأعمل الحيلة في أمر عمرو ، وغدا معاوية إليه وعمرو جالس على فراشه فلم يقم له عنها ولم يدعه إليها ، فجلس معاوية على الأرض واتكأ على ناحية الفراش ، وجرى بين معاوية وبين عمرو كلام كثير ، فقال عمرو : هذا الأمر إليّ أستخلف فيه من اريد وقد أعطاني أهل الشام