تزعم أنّه ولدها ، وذلك أنّهما ولدتا في ليلة واحدة فأكل النمر إحدى البحزجين ، فهما يرأمان الباقي.
فلمّا وقفتا بين يدي الكاهن ، قال : هل تدرون ما تقول هاتان البقرتان؟ قالوا :
لا. قال : تختصمان في هذا البحزج ويطلبان بحزجا آخر ذهب به ذو جسد أربد (١) وشدق (٢) مرمع ، وناب معق (٣) وحلق صعق (٤) فما للصغرى في البحزج من حق.
فقضى به للكبرى وذهبتا.
وتقدّم عبد المطّلب وأصحابه فقال لهم الكاهن : ما حاجتكم؟
قالوا : إنّا خبأنا لك خبيئا فأنبئنا عنه.
قال : نعم ، خبأتم لي شيئا طار فسطع التصوّب فتصوّب فوقع ، فالأرض منه بقع.
قالوا : لادة فلادة ، أي بيّن.
قال : إن لادة فلادة ، وهو رأس جرادة ، في حربة مزادة ، في عنق سوار صاحب القلادة.
قالوا : لادة.
قال : هو شيء طار فاستطار ، ذو ذنب جرّار ، ورأس كالمسمار ، وساق كالمنشار.
قالوا : قد أصبت. فانتسبا له وقالا : أخبرنا فيم اختصمنا.
قال : احلف بالضياء والظلم ، والبيت ذي الحرم ، إنّ الدفين ذي الهرم للقرشي ذي الكرم.
قال جندب بن الحارث الثقفي : اقض لأرفعنا مكانا ، وأعظمنا جفانا ، وأشدّنا طعانا.
فقال عبد المطّلب : اقض لصاحب الخيرات الكبر ، ولمن كان أبوه سيّد مضر ، وساقي الحجيج إذا كثر.
__________________
(١) الربدة : الغبرة ( لسان العرب ٣ / ١٧٠ ).
(٢) الشدق : جانب الفم ( لسان العرب ١٠ / ١٧٢ ).
(٣) المعيق : الشديد الدخول في جوف الأرض ( لسان العرب : ١٠ / ٣٤٦ ).
(٤) الصعقة : الصوت الشديد ( لسان العرب ١٠ / ١٩٨ ).