تنادي : عزّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عزّ على فاطمة عزّ عليّ يا أباه على من خلّفتنا (١) حيارى كالغنم لا راعي لنا.
فقال عليّ عليهالسلام : على خير خلقه الحسن والحسين بعد جدّهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأقبلت تقبّل بين عينيه وعليّ عليهالسلام نائم مشغول بما هو فيه فضمّها الى صدره وقال لها : يا بنيّة يا أمّ كلثوم قد دنا اللحوق بجدّك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وامّك فاطمة عليهاالسلام فاحتسبي صبرك وعزاك بالله. ثمّ مدّ له فراشه ومكث الناس يعودونه.
قال الحسن عليهالسلام : فاحفت الباب ـ أي دقّ ـ وأقبلت أستمع ، فسمعت هاتفا من عند رأسه يتلو : ( أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) (٢) ثمّ هتف هاتف ثان من رجليه وهو يقول : اليوم والله تضعضع ركن الإسلام ، اليوم والله انثلمت حصون الإسلام ، اليوم قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لقد انقضت اليوم خلافة النبوّة. قال الحسن عليهالسلام : ففتحت عيني فإذا أنا بأمير المؤمنين قد غمض عيناه وشدّ حنكه ، وإذا أنا بكفنه عند رأسه وحنوطه عند رجليه ووجهه كدارة القمر ليلة البدر ، فقمنا والله إليه فغسّلناه وكفّناه وحنّطناه وصلّينا عليه ليلا وأوردناه حفرته.
ثمّ تقدّم الحسن عليهالسلام فصلّى بالناس صلاة الفجر ، ثمّ علا على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على نبيّه ثمّ خطب الناس وقال : أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا انبّئه بحسبي ، أنا ابن خديجة الكبرى ، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن خير الناس جدّا وجدّة ، أنا ابن خير الناس عمّا وعمّة ، أنا ابن خير الناس خالا وخالة ، أنا ابن خير الناس أبا وامّا.
ثمّ قال عليهالسلام : لقد قبض والله في هذه الليلة رجل لم يدركه الأوّلون ولا يدركه الآخرون في علم ولا في حلم ، ولا خلّف صفراء ولا بيضاء إلاّ أربعمائة درهم فضّلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لأمّ كلثوم لتعينها على طحن الشعير ،
__________________
(١) في الأصل : « خلّفنا ».
(٢) فصّلت : ٤٠.