رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قتلني المرادي وربّ الكعبة ، هكذا ألقى حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هكذا ألقى فاطمة ، هكذا ألقى أخي جعفر الطيّار في الجنّة ، هكذا ألقى حمزة سيّد الشهداء. وارتفعت الضجة والرنة بالكوفة ، وخرج الناس ودخلوا مسجد الكوفة ونظروا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يجود بنفسه.
فلمّا نظر الحسن عليهالسلام إلى أبيه وما نزل به عطّ ثوبه وقال : يا أبتاه نفسي لنفسك الفداء ، وخدّي لخدّك الفداء ، ليتني لم أشهد هذا اليوم ولم أره. فلمّا أن سمع أمير المؤمنين عليهالسلام مقالة الحسن والحسين نادى : أسندوني أجلسوني. ثمّ قال عليهالسلام : أدن يا حسن منّي ، ادن يا حسين منّي. فضمّهما إلى صدره وأقبل يقبّل بين عينيهما ويقول : لا بأس عليكما وأبوكما أكرم على الله من أن يفوتكما قاتله ، وسيؤتى به من هذا الباب ، وأومأ بيده نحو باب كندة.
وركب رجل من عبد القيس واستقبل عبد الرحمن لعنه الله وهو شاهر سيفه وهو يقطر دما ، فصاح به صيحة فقال : ثكلتك أمّك لعلك قاتل أمير المؤمنين. فذهب يقول « لا » فقلب الله لسانه وفاه فقال : « نعم ». فأخرج عمامته من رأسه فوضعها في عنقه وجعل يقوده خاضعا ذليلا حتى أوقفه بين يدي أمير المؤمنين. فلمّا نظر إليه قال له : يا عبد الرحمن. فأجابه : لبّيك وسعديك. فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام لا لبّيك ولا سعديك شرّ أمير كنت لك؟! ألم أكن اطعمك والبسك ممّا ألبس وافضّلك في عطائك من مال بيت المسلمين على جميع أصحابي؟! فقال : بلى والله يا أمير المؤمنين ، ها أنا ذا واقف بين يديك فافعل ما شئت.
ثمّ إنّ عليّا عليهالسلام رجع الى نفسه الطاهرة فتلا هذه الآية : ( وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) ثمّ أمر بعبد الرحمن الى السجن ، ثمّ التفت الى الحسن عليهالسلام فقال : يا أبا محمّد كم مضى من شهركم؟ ـ قال : وكان شهر رمضان ـ قال : ثمانية عشر يوما.
فقال عليهالسلام : ستفقدون أباكم في العشر الأواخر منه. وودّع عليهالسلام أهل الكوفة ، واتكأ على أولاده الحسن والحسين ومحمّد بن الحنفيّة والعبّاس بن عليّ حتى دخل منزله فلمّا نظرت إليه أمّ كلثوم عطّت ثوبها ونتفت شعرها ولطمت خدّها وهي