ودعت جواريها ونادت : ويلكم عجّلوا ألبسوني غلائلي (١) الرقاق فإذا دخل عبد الرحمن فارفعوا الحجاب بيني وبينه حتى ينظر الى حسني وجمالي فيكون أقضى لحاجتي ففعلن بها ذلك.
فلمّا دخل عبد الرحمن لعنه الله رفعن الحجاب ، فلمّا نظر إليها قال لها : يا سيّدتاه أتمّي أمرنا. قالت : إنّ أهلي أبوا أن يزوّجوني إلاّ على ثلاثة آلاف دينار وعبد وقينة وضرب عليّ بالحسام. فقال لها عبد الرحمن : ثكلتك امّك من الذي يستطيع عليّا أمير المؤمنين وقاتل المشركين قاتل الأقران وهاشم الهام والأسد الضرغام. فلمّا سمعت كلامه قالت له : يا هذا أمّا ما سألت عن المال فلا حاجة لي فيه وعندنا من المال ما يكفيك ، ولا اسألك شيئا بعد أن قررت عيني بقتل عليّ ، فلم تزال تراود المرادي ويراودها حتى اشترط لها على نفسه ليضربنّه ضربة بسيفه مات منها أو عاش. ثمّ إنّ قطام لعنها الله رضيت منه بذلك ، وأحضرت الطعام والشراب فأكثرت منه حتى قام وهو سكران. فلمّا قال أمير المؤمنين عليهالسلام الله أكبر الله أكبر وسمعت قطام ذلك قامت الى عبد الرحمن وهو راقد فقالت له : يا سيّدي هذا عليّ يجهر بالأذان فقم حتى تقضي حاجتي وارجع إليّ قرير العين مسرورا بأهلك. فقال : ثكلتك امّك أقتل أمير المؤمنين وأرجع قرير العين! بل أرجع سخين العين وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أشقى الأوّلين عاقر الناقة وأشقى الآخرين قاتل عليّ. فحمله العشق والشقاوة ، وقام فتقلّد السيف من تحت أثوابه وتلثّم بعمامته وأقبل الى المسجد ، فلمّا فرغ عليّ عليهالسلام من الأذان ودخل المسجد وصفّ قدميه عليهالسلام ليصلّي وكان إذا سجد أطال سجوده ، فعمد عبد الرحمن لعنه الله الى السيف فاستخرجه من غمده وهزّه وعلابه هامته عليهالسلام وهو ساجد ، فاستوى عليهالسلام قائما ثمّ نادى بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وصدق المرسلون وأقبل بخضيب شيبته بدمه ويقول : بهذا أخبرني حبيبي
__________________
(١) الغلائل : الدروع ، وقيل : بطائن تلبس تحت الدروع ، وقيل : هي مسامير الدروع التي تجمع بين رءوس الحلق لأنها تغلّ فيها أي تدخل ، واحدتها غليلة ( لسان العرب ١١ / ٥٠٢ ).