فقام أمير المؤمنين عليهالسلام من أقصى الناس يسحب رداءه من خلفه حتى علا المنبر مع الحسن عليهالسلام فقبّل بين عينيه ثمّ قال : يا ابن رسول الله أثبتّ على القوم حجّتك ، وأوجبت عليهم طاعتك ، فويل لمن خالفك (١).
وقيل : سأل أمير المؤمنين عليهالسلام ابنه الحسن عليهالسلام فقال : يا بني ما العقل؟ قال : حفظ قلبك ما استودعته. قال : فما الحزم؟ قال : أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك. قال : فما المجد؟ قال : حمل المغارم وإيتاء المكارم. قال : فما السماحة؟ قال : إجابة السائل وبذل النائل. قال : فما الشحّ؟ قال : أن ترى القليل سرفا وما أنفقت تلفا. قال : فما الرقّة؟ قال : طلب اليسير ومنع الحقير. قال : فما الكلفة؟ قال : التمسّك بمن لا يواتيك والنظر فيما لا يعنيك. قال : فما الجهل؟ قال : سرعة الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها ، والامتناع عن الجواب ، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا (٢).
وقال عليهالسلام : ما فتح الله عزّ وجلّ على أحد باب مسألة فخزن عنه باب الإجابة ، ولا فتح لعبد باب عمل فخزن عنه باب القبول ، ولا فتح لعبد باب شكر فخزن عنه باب المزيد (٣).
وقال عليهالسلام : إنّ الله تعالى أدّب نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أحسن الأدب فقال : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ) (٤) فلمّا وعى الذي أمره قال تعالى : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٥).
فقال لجبرائيل عليهالسلام : وما العفو؟
قال : أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك ، وتعف عمّن ظلمك. فلمّا فعل
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ٣٥٨ باب ١٧ من تاريخ الإمام الحسن عليهالسلام ح ٣٧ نقلا عن كتاب العدد ( مخطوط ).
(٢) معاني الأخبار : ص ٤٠١ باب نوادر المعاني ح ٦٢.
(٣) بحار الأنوار : ج ٧٨ ص ١١٣ باب ١٩ ح ٧ نقلا عن كتاب العدد ( مخطوط ).
(٤) الأعراف : ١٩٩.
(٥) الحشر : ٧.